تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سألوا الغراب : سرقت الصابونة ليه ؟


أبـو على
2013/06/29, 12:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
استمع لهذا المثل ..
- سألوا الغراب : سرقت الصابونة ليه ؟
قال : أصل الاذية طبعي ..!

في ثماني كلمات فقط ، لخّص المثل بعبقرية فذّة آلاف الكتب التي تناولت بالشرح و التحليل ظاهرة العدوان في النفس البشرية .. مستخدماً في ذلك بنجاح رموزاً شفافة تجعله يصل مباشرة إلى هدفه ، و هو رسم صورة متكاملة و واضحة لطبيعة العدوان ، فالغراب - كما هو معروف - طائر مكروه في الوجدان الشعبي ، و في التراث الانساني بشكل عام ، هو رمز للسواد و الحزن و الفجيعة .
يكفي أننا نسمي الصوت الذي يصدره : ( النعيق ) ,,

و هو لا يسرق قطعة الصابون ليستحم بها . أو لأنه تصورها بجهله قطعة من الجبن مثلاً ..
عند ذلك قد نلتمس له الأعذار .. بل سرقها ليحرم صاحبها من استخدامها ، و ليغرمه ثمن صابونة أخرى ..
و ليشعره بألم لفقدها ، ليؤجل موعد استحمامه أو غسيله ، فيرغمه على البقاء فترة متسخاً تعلوه الأقذار ، بما يسببه ذلك من إحساس بالغيظ و النكد ..

هو باختصار يؤذيه ، بلا سبب ، و لا هدف ، و لاسابق معرفة ..
لست في حاجة لدراسة كل ما كتبه كل عباقرة مدرسة التحليل النفسي لكي أتعرف على أصالة و طبيعة العدوان في النفس البشرية ، يكفيني هذا المثل العبقري الذي غرسه أجدادي في حديقتي ، ولكن هل هذا المثل يبحث عن مبرر و غطاء للعدوان يضفي عليه شرعية من نوع ما ، أم أن له هدفاً آخر ، هل هو يدفعنا إلى استسهال و ممارسة العدوان على الآخرين ، لأن ذلك طبع مركب فينا ، أم أنه ينبهنا إلى ضرورة الاعتراف و التعرف ..
الاعتراف بأن العدوان طبع أصيل في الإنسان ، ثم التعرف على مصادر ذلك العدوان لكبته و تحويله إلى مسارات إنسانية أخرى أكثر رقياً و تحضراً ..

كم غراب قابلته في حياتك ، سرق منك قطعة من عملك ، أو من أفكارك ، أو من أحلامك ، كم غراب هبط عليك و سرق قطعة من حاضرك و مستقبلك ..
كم غراب يطير فوقنا منتهزاً أية فرصة لإيذائنا ، بلا نفع شخصي .. أقصد بلا نفع غرابي ..
و مع ذلك فإن ذلك الغراب بطل المصطلح الشعبي ، يتمتع بقدر من الشجاعة الأدبية جعلته يجيب بصدق ، إن هدفه كان الإيذاء لمجرد الإيذاء ..

أما الغربان المنافقة التي نالت قدراً من التعليم و الثقافة ، فلن تجيب بهذا الوضوح و ذلك الصدق ..
بل ستلقي علينا محاضرة طويلة ، قبيحة و مدافعة عن نفسها و عن فعلتها ..
لو أن غراباً من ذلك النوع اختطف صابونة ، ثم قبض عليه متلبساً ....
فسوف يقول لك على الفور :
لقد كان هدفي هو إنقاذ صاحب الصابونة من الآثار المدمرة المترتبة على استخدامها ، فنوعها ردئ ، و بها مواد تؤذي البشرة و تسبب سرطان الجلد .. و هي مصنوعة من زيت الترالملم المحرم استخدامه دولياً .. ولقد حاولت تحذيره بنعيقي ، و لكنه تجاهله ، لذلك كان لا بد من ان أخطفها من أمامه و أطير بها بعيداً .. و تحملت في سبيل ذلك طعمها الردئ ، و رائحتها القاتلة ، و أنا أحملها بمنقاري .
إنني مندهش و متألم ، هل أنا متهم بالسرقة و الأذى و العدوان بسبب فعلتي النبيلة التي أنقذت بها ذلك الرجل ، وحميته من الأضرار التي كانت ستلحق به ؟

إن أبسط أنواع العدوان و أقلها خطراً ، هي تلك التي يلجأ أصحابها إلى الأذى الواضح ، مستخدمين الفعل الملموس ، لأننا نتنبه لهم على الفور ،
و نأخذ حذرنا منهم ، ثم نختار الوسيلة التي نحمي بها أنفسنا منهم ..
أما هؤلاء الذين يطلقون عينا السموم و النار مختبئة بين الكلمات ، الذين يقلبون الحق باطلاً ، و الباطل حقاً .. لا لشئ إلا الاستمتاع بإيذائنا .. فمن المؤكد أنهم شر أنواع الغربان ..

إنهم هؤلاء الذين ينعقون ثم يسرقون الصابون ، و بذلك نظل بعيدين عن نظافة العقل و نظافة الأفكار ..
مع احترامى لكل غراب طائر

جلال العسيلى
2013/06/29, 02:43 PM
بارك الله فيك أخي
وجعل ماقدمته في موازين حسناتك
تحياتي لك

اشرف فتحى
2013/06/30, 12:24 AM
http://montada.rasoulallah.net/uploads/monthly_07_2011/post-25052-0-67290800-1311503393.gif