تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة الى اخى فى باريس


أبـو على
2014/02/05, 02:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
يا أخي إنك تمشي إلى بلد مسحور- والعوذ بالله- الذاهب إليه لا يؤوب، إلا أن يؤوب مخلوقاً جديداً، وإنساناً آخر غير الذي ذهب، يتبدل دماغه الذي في رأسه، وقلبه الذي في صدره، ولسانه الذي في فيه، وقد يتبدل أولاده الذين هم في ظهره إذا حملهم في بطن أنثى جاء بها من هناك، إي والله يا أخي، هذه حال أكثر من رأينا وعرفنا، إلا من عصم ربك، يذهبون أبناءنا وإخواننا وأحباءنا، ويعودون عداة لنا، دعاة لعدونا، جنداً لحربنا، وعوناً لمستعمري بلادنا، لا أعني الاستعمار العسكري، فهو هين لين، وإنما أعني استعمار الرؤوس بالعلم الزائف، والقلوب بالفن الداعر، والألسنة باللغة الأخرى، وما يتبع ذلك من الأرتيستات والسينمات، وتلك الطامات من المخدرات والخمور، وهاتيك الشرور، فانتبه لنفسك، واستعن بالله، فإنك ستقدم على قوم لا يبالي أكثرهم العفاف، ولا يحفل العرض، بل ليس في لغاتهم كلها كلمة بمعنى العرض كما نفهم نحن معناه! فترى النساء في الطرقات والسوح والمعابر يعرضن أنفسهن عرض السلعة، قد أذلتهن مدنية الغرب وأفسدتهن، وهبطت بهن إلى الحضيض، فلا يأكلن خبزهن إلا مغموساً بدم الشرف، وأنت لا تعرف من النساء إلا أهلك: مخدرات، معصومات كالدر المكنون، شأن نساء الشرق المسلم، حيث المرأة عزيزة مكرمة، محجوبة مخدرة، ملكة في بيتها، ليست من تلك الحطة والمذلة في شيء، فإياك أن تفتنك امرأة منهن عن عفتك ودينك، أو يذهب بلبك جمال لها مزور، أو ظاهر خداع، هي والله الحية: ملمس ناعم، وجلد لامع، ونقش بارع، ولكن في أنيابها السم...إياك والسم.
إن الله قد وضع في الإنسان هذه الشهوة، وهذا الميل، وجعل له من نفسه عدواً؛ لحكمة أرادها، ولكنه أعطاه حصناً حصيناً يعتصم به، وسلاحاً متيناً يدرأ به عن نفسه، فتحصن بحصن الدين، وجرد سلاح العقل، تنج من الأذى كله. واعلم أن الله جعل مع الفضيلة مكافأتها: صحة الجسم، وطيب الذكر، وراحة البال. ووضع في الرذيلة عقابها: ضعف الجسد، وسوء القالة، وتعب الفكر، ومن وراء ذلك الجنة أو جهنم.
فإن عرضت لك امرأة بزينتها وزخرفها فراقب الله، وحكم العقل، واذكر الأسرة والجدود، لا تنظر إلى ظاهرها البراق، بل انظر إلى نفسها المظلمة القذرة، أتشرب من إناء ولغت فيه الكلاب؟!
يا أخي إن في باريس كل شيء، فيها الفسوق كله، ولكن فيها العلم،... فراجع، وابحث، واكتب، وانشر، وعش في هذه السماء العالية، ودع من شاء يرتع في الأرض، ويعيش على الجيف المعطرة! غير أنك واجد في ثنايا هذه الكتب التي كتبها القوم المستشرقون عن العربية والإسلام، وفي غضون هذه المحاضرات التي يلقونها، عدواناً كثيراً على الحق، وتبديلاً للواقع، فانتبه له، واقرأ ما تقرأ، واصغ لما تسمع، وعقلك في رأسك، وإيمانك في صدرك، لا تأخذ كل ما يقولون قضية مسلمة، وحقيقة مقررة، فإن الحق هو الذي لا يكون باطلاً، ليس الحق ما كان قائله أوروبا، فانظر أبداً إلى ما قيل، ودع من قال.
ثم إنك سترى مدينةً كبيرةً، وشوارع وميادين ومصانع وعمارات، فلا يهولنك ما ترى، ولا تحقر حياله نفسك وبلدك، كما يفعل أكثر من عرفنا من رواد باريس، واعلم أنها إن تكن عظيمة، وإن يكن أهلها متمدنين، فما أنت من مجاهل الأرض، ولا أمتك بسفلة الناس، وإنما أنت ابن المجد والحضارة، ابن الأساتذة الذين علموا هؤلاء، وجعلوهم ناساً، ابن الأمة التي لو حذف اسمها من التاريخ لرجع تاريخ القرون الطويلة صحفاً بيضاً لا شيء فيها، إذ لم يكن في هذه القرون بشر يدون التاريخ تاريخه سواهم، فمن هؤلاء الذين ترى؟ إنما هم أطفال، أبناء أربعة قرون، ولكن أمتك أخت الدهر، لما ولد الدهر كانت شابة، وستكون شابة حين يموت الدهر.
يا أخي إذا وجدت واسعاً من الوقت فادرس أحوال القوم، وأوضاعهم في معايشهم وتجارتهم وصناعتهم ومدارسهم، وابحث عن أخلاقهم ومعتقداتهم، على أن تنظر بعين الناقد العاقل الذي يدون الحسنة لنتعلمها، والسيئة لنتجنبها، ولا تكن كهؤلاء الذين كتبوا عن باريس من أبناء العرب، فلم يروا إلا المحاسن والمزايا، ولا كأولئك الذين كتبوا عن الشرق من أبناء الغرب، فلم يبصروا إلا المخازي والعيوب، ولكن كن عادلاً صادقاً أميناً.
وبعد: يا أخي:
فاعلم أن أثمن نعمة أنعمها الله عليك هي نعمة الإيمان، فاعرف قدرها، واحمد الله عليها، وكن مع الله تر الله معك، وراقب الله دائماً، واذكر أنه مطلع عليك، يعصمك من الناس، ويعذك من الشيطان، ويوفقك إلى الخير.
وفي اللحظة التي تشعر فيها أن دينك وأخلاقك في خطر، احزم أمتعتك، وعد إلى بلدك، لقد مر على اوربا حين من الدهر لم تبلغ من دنس الأخلاق، ورجس الفواحش، ما هي عليه اليوم، يوم كان لكلمات الأخلاق والحشمة والحياء والمروءة بقية من معانيها ودلالاتها، لم تفقد معانيها كلها كما حصل اليوم، وقد خفت على أخي، فما لبعض الآباء يلقون بأولادهم في هذا النهر الملوث وهم لا يحسنون السباحة؟ ما لهم يبعثون بشاب أمضى عمره كله في بلد الدين والحجاب، ما رأى يوماً أطراف جسد امرأة غريبة عنه، ولا خلا بها، شاب بين جنبيه من الرغبة جمرة تتلظى، لو أبصر فتاة من بعد عشرة أمتار لهفا قلبه إليها، وتمنى الدنو منها، ودفع ربع عمره ليبصر ما تحت ثوبها.
يرمون به إلى بلاد: بعض النساء فيها سلعة رخيصة على جوانب الشوارع، وربما تعرضن له إن لم يتعرض هو لهن!
إلى بلاد:المنكرات فيها معلنة، والأعراض مستباحة، فإما أن يميله الهوى ويقوده الشيطان فيقع في الحرام، وإما أن يضم جوانحه على مثل لذع النار".
خاص بالمغتربين فى بلاد الإفرنج

جلال العسيلى
2014/02/05, 05:29 PM
بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا

السيدعبدالعزيز
2014/02/05, 06:03 PM
شكرا اخى على التذكرة الطيبة .

أبـو على
2014/02/05, 08:55 PM
اسعدنى مرور الاستاذين الكريمين
جزاكما الله كل خير

اشرف فتحى
2014/02/07, 02:47 PM
أخى الحبيب
بارك الله بك ولك
وجزاك الله خيرا
وأثابك الفردوس الأعلى
على هذا الموضوع القيم

أبـو على
2014/02/08, 07:27 AM
أخى الحبيب
بارك الله بك ولك
وجزاك الله خيرا
وأثابك الفردوس الأعلى
على هذا الموضوع القيم

جزاك الله كل خيراستاذ اشرف على طيب تواصلك