تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : *** منع الحمل والتعقيم ***


yaqot
2014/03/08, 02:47 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

منع الحمل والتعقيم:

رغب الإسلام في زيادة النسل وتكثيره، وحث على ذلك، لما في زيادة النسل من تقوية للأمة الإسلامية وزيادة لعزتها ومنعتها.
وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" أخرجه أبو داود والنسائي.
وكان من دعاء عباد الرحمن "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما". سورة الفرقان آية 74
واعتبر الإسلام النسل نعمة كبرى ومنة عظيمة منّ الله بها على عباده حيث قال تعالى "المال والبنون زينة الحياة الدنيا" سورة الكهف آية 46.

وجعل حفظ النسل من الضرورات التي جاءت الشريعة الإسلامية بحفظها وصيانتها (الضرورات الخمس هي الدين والنفس، والعقل، والنسل والمال). وأي اعتداء على الجنين يكون فيه الغرّة ، والغرة هي دفع دية عبد أو أمة أو ما يقوم مقامهما دية لهلاك جنين بسبب التعدي عليه.

أما إذا كان الاعتداء بعد مضي ستة أشهر على الحمل فصاعداً فعلى المتعدي الدية كاملة مع الكفارة.
وللمحافظة على النسل الإنساني وتربية النشء تربية سليمة، لابد للولد أن يعيش بين والديه، وأن يكون له بيت يحميه، وهذا يقتضي تنظيم الزواج، وحصر العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى في إطاره. وقد حث الإسلام على الزواج ورغب فيه. قال تعالى: "فأنكحوا ما طاب لكم من النساء" سورة النساء، آية 3.
وقال أيضاً: "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم". سورة النور، آية 32.

وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه.
وعندما أراد عثمان بن مظعون التبتل نهاه صلى الله عليه وسلم بقوله "النكاح سنتي، فمن رغب عن سنتي فليس مني" رواه البخاري.
واقتضى حفظ النسل ورعايته أيضاً تحريم قتل الأولاد، وتحريم الإجهاض بعمومه، وقد جاءت الآية الكريمة في النهي عن وأد البنات " وإذا المؤودة سئلت○بأي ذنب قتلت) سورة التكوير، آية 8، 9.
وقال تعالى: "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم" سورة الإسراء، آية 170.
وقال : " ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم". سورة، الأنعام 151.

فقتل الأطفال خشية الفقر منهي عنه، وقد أوضح الله في الآيتين الأخيرتين أن الرزق من عند الله فهو يرزق الأولاد إن كان قتلكم إياهم خشية الفقر، ولا تقتلوهم إذا كنتم فقراء فالله يرزقكم ويرزقهم.

نظرة تاريخية لمنع الحمل :
عرف التاريخ البشري محاولات عديدة لتحديد النسل والتقليل منه، على الرغم من أن الاتجاه العام لدى البشرية كان الحث على التناسل وإكثار الذرية.
فكان العرب قبل الإسلام يئدون البنات خشية العار، ويقتلون أولادهم إما خشية الفقر أو بسبب أنهم فقراء، فنهاهم الله عن ذلك وحرم الإسلام الوأد والقتل.

وفي التاريخ الحديث ظهرت حركة مالثوس في انجلترا ، ومالثوس هذا كان رجل دين، تفرغ فيما بعد لدراسة السكان والبيئة، ووصل إلى نتيجة عجيبة في دراساته وأبحاثه بين فيها أن السكان يزدادوا على هيئة متواليات هندسية، بينما الموارد تزداد على شكل متواليات حسابية، ولهذا فإن السكان سيتضاعفون كل 25 سنة، بينما لن تزداد المواد إلا بنسبة محددة في هذه الفترة (9%) ولهذا فإنه لابد أن يأتي يوم على أهل الأرض لا تفي فيه الموارد بحاجات البشر.
ولحل هذه المشكلة حث مالثوس على الرهبنة والامتناع عن الاتصال الجنسي بالزوجة.

وجاء بعده علماء آخرون اعتبروا طريقته في منع الحمل غير عملية وغير واقعية، وإن منع الزواج أو منع الاتصال الجنسي بالزوجة سيؤديان في المستقبل إلى انتشار الزنا والرذيلة ولن يقلل من ازدياد السكان بل سيزدادون عن طريق الولادات غير الشرعية، وراحوا يدعون إلى استعمال وسائل منع الحمل المتاحة بشرط أن لا تؤثر على صحة المرأة.

واستمر الوضع ما بين مؤيد ومعارض لفكرة الحد من النسل، ففي البداية كانت القوانين والأنظمة تعاقب كل من تسول له نفسه ترويج وسائل منع الحمل أو الحديث عنها، وتعتبر ذلك جنحة من الجنح، لأنها ستؤدي حتماً إلى نشر الرذيلة وإفساد الأخلاق، بالإضافة إلى الأضرار الصحية لتلك الوسائل.

ثم جاءت الثورة الصناعية ولحقتها الحروب العالمية، وهجر الرجال قراهم ورحلوا إلى المدينة بحثاً عن فرص أفضل للعمل في المصانع والمتاجر، وبقيت المرأة في القرى مع أطفالها فخرجت إلى العمل، وهنا وجد الداعون لتحديد النسل الفرصة سانحة للترويج لأفكارهم ، فالمرأة التي تعمل خارج المنزل، ليس من السهل عليها أن تتحمل متاعب الحمل والولادة بالإضافة إلى متاعبها ومشاغلها الأولى، وكذلك رب العمل فإنه لن يرحب بعاملة كثيرة الغياب والاستئذان.
ونتج عن هذه المحاولات لتقليل النسل نقص شديد في نسبة الولادات في الدول الغربية، مما حدا بالمفكرين إلى النداء والحث على الإكثار من الذرية، فأخذت بعض الدول بتشجيع مواطنيها على الإنجاب وخفضت الضرائب على الأسر الكبيرة، ووضعت حوافز ومكافآت وحددت مصروفاً شهرياً لكل طفل يولد و إعطاء مساعدات إضافية له حتى سن الثامنة عشر.

ثم حاولت الدول الغربية نقل تجربتها في منع الحمل للدول الإسلامية خوفاً من ازدياد أعداد المسلمين، وذلك بالتالي سيشكل خطراً مستقبلياً على العالم الغربي، وسيحرر العالم الإسلامي من سيطرة الغرب عليه.

فأخذوا يهولون التزايد البشري للحكومات المسلمة ويبينوا آثاره ومخاطره ويجسدوه في صورة من صور الرعب فأصبحت قضية تحديد النسل بمثابة القضية الرئيسية خلال عملية التسيير الاقتصادي والاجتماعي لتلك الدول. وتم وضع الأب في صورة الفقير البائس لمجرد استجابته لغريزته في الإنجاب، ووضعت الأم في نفس الصورة مع إضافة العوامل النفسية المصاحبة للحمل ومعاناته ومخاطره وهم يخفون ما بأنفسهم من أن التزايد في مواقع معينة ذات طبيعة حضارية مغايرة عرقياً ودينياً خطر يجب مقاومته حتى لا تنقلب الموازين الموضوعة لسيطرة حضارة ما على الحضارات الأخرى.

وقد أغفلوا في ندائهم تلك الحقيقة العلمية عن قدرة الإنسان وما يؤدي إليه وجوده من مردود اقتصادي شامل وأن القضية تتعلق باكتشاف قدراته ومن ثم توجيهها على النحو الذي يستطيع به أداء دوره في المكان الذي يوجد فيه والشاهد في ذلك أن بعض الشعوب يبلغ عددها الملايين ويعيش على مساحة ضيقة من الأرض وقد سخروا الموارد الموجودة لخدمتهم فأصبحوا ولا يوجد فيهم جائع أو فقير، وهناك شعوب أخرى تعيش في أرض جيدة ويتوفر فيها الكثير من الموارد ومع ذلك ما زالوا يعيشون في ضنك وضيق.

وبالتأمل في إحصائية عام 1998م للكثافة السكانية في بعض دول العالم ومن ثم مقارنة الرفاهية لسكان هذه الدول مع بعضها الآخر يظهر لنا بوضوح كذب الدعوى بأن قلة الموارد إنما تكون بسبب ازدياد عدد السكان ففي هولندا قدرت الكثافة السكانية ب 464.2 نسمة/كم2 وفي بريطانيا238.9/كم2 وألمانيا 234.8/كم2 وفي موناكو 16410.3/ كم2 وهونج كونج6436.7 كم2 وفرنسا 107.8/كم2 وسويسر182.31/كم2 وسنغافورة
5474.5/كم2 – ومعلوم للجميع المستوى المعيشي للسكان في هذه الدول.
بينما بلغت في مصر 66.4/كم2 وليبيا 3.2/كم2 والسودان 14.1/كم2 وموريتانيا2.4/كم2 العراق 53.3/كم2 السعودية 10.6/كم2 عمان 11.1/كم2 الإمارات 27.8/كم2 .

والدول العربية تذخر بالموارد الزراعية وما تحتويه في باطن الأرض من موارد وإمكانيات.
وجزى الله خيراً الشيخ أبا الأعلى المودودي عندما فند دعوى المدعين بأن زيادة عدد سكان الأرض هو سبب الفقر والمشاكل التي تحدث في العالم، وبين أن ذلك يعتبر انتقاداً لذات الخالق سبحانه واعتراضاً على حكمته البالغة ونظامه المحكم في السماوات والأرض، فالله تعالى ما خلق شيئاً في السماوات والأرض إلا على كمية محدودة قال تعالى "إنا كل شيء خلقناه بقدر" (سورة القمر، آية 49). وأنه سبحانه لا يصدر شيئاً من خزائنه إلا بقدر معلوم , " وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم"( سورة الحجر، آية .15) فالله سبحانه خلق هذا العالم وأبدع نظامه المحكم وهو الكامل في تقديراته وحسابه، والحقيقة أن ضيق الأرض على سكانها ليس بمشكلة واقعية وليست هي السبب في فقر الإنسان وجوعه، وإنما السبب الحقيقي لذلك هو تكاسل الإنسان وتخاذله وسوء التدبير وعدم الأخذ بالأسباب وعدم عدالة التوزيع في الثروات – فبينما يموت الناس جوعا في أفريقيا، نرى تكدس الحبوب والأطعمة في بعض الدول، وترمى بعض المنتجات في البحار للتخلص منها حتى لا تنخفض قيمتها الشرائية ونرى بعض الحكومات تدفع الأموال للمزارعين حتى لا يزرعوا أراضيهم لأن الدول ليست بحاجة إلى مزيد من ذلك المنتج وهكذا، وللمشاكل السياسية المؤدية إلى عدم الاستقرار في بعض البلاد دور كبير كذلك في الفقر والجوع في تلك الدول.

وبالنظر إلى مستوى المعيشة للفرد العادي الآن، وما يتوفر له من أكل وشرب، نجد أنه أحسن من مستوى المعيشة للملوك والأمراء قبل قرنين أو ثلاثة من الزمان على الرغم من ازدياد سكان الأرض عدة أضعاف وذلك إنما يرجع إلى ازدياد الموارد والإمكانيات أضعافاً مضاعفة.


المقصود بمنع الحمل والتعقيم :
منع الحمل هو اتخاذ أسباب معينة للتقليل من إنجاب الأطفال بحيث يكون الحمل وفق نظام معين ومنسق بين كل مولود وآخر حسب ما يراه الوالدان، أو ما تقتضيه الظروف الصحية.
ويكون باستعمال الوسائل المؤقتة لمنع الحمل.

التعقيــم :
هو التأثير على الجهاز التناسلي للرجل أو المرأة ليفقد قدرته على الإنجاب بشكل دائم.
وسائل منع الحمل والتعقيم :
وسائل منع الحمل :
تنقسم وسائل منع الحمل إلى وسائل طبيعية لا تحتاج إلى إشراف طبي ووسائل طبية (غير طبيعية) تحتاج إلى إشراف طبي.
أولاً : الوسائل الطبيعية لمنع الحمل :
الرضاعــة :
كانت الرضاعة وما زالت من الوسائل المهمة لمنع الحمل على مدى الزمان، وخاصة إذا كان الرضيع معتمداً على لبن الأم اعتماداً كاملاً.
وكلما قلت الرضاعة وأصبحت مدتها أقصر، كلما زادت الخصوبة عند المرضع وزاد استعدادها للحمل.

وقد حث الإسلام على الرضاعة فقال تعالى : "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة" سورة البقرة آية 233
ولقد أهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بالرضاعة وناقش مع الصحابة منع الحمل خلال فترة الرضاعة فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا تقتلوا أولادكم سراً فإن الغيل يدرك الفارس فيعثره من فوق فرسه" رواه الإمام أحمد ، والغيلة هي وطء المرضع، والمعنى أن المرضع إذا حملت يخف حليبها ويضعف الرضيع. غير أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين رأى مشقة ذلك على شباب الصحابة ورأى أن الفُرس والروم لم يضرهم ذلك أرشد أنه لا مانع من مواقعة المرضع.

- العــزل :
وهو أن يأتي الرجل أهله، فإذا أراد الإنزال نزع وأنزل خارج الفرج، وهي طريقة قديمة لمنع الحمل وكان الصحابة يمارسونها، وقد سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عما إذا كان من المباح لهم أن يعزلوا في بعض الأحوال الخاصة، فسمح لبعضهم، ونهى بعضهم الآخر عنه، وعد العزل في أحيان أخرى أمراً لا طائل من ورائه وبين أن الله سبحانه إذا كان سيخلق نفساً فسيخلقها على الرغم من العزل. وسنتحدث فيما بعد عن الأحكام المتعلقة بالعزل.

- الامتناع عن الجمـاع :
وهو إما أن يكون بالامتناع عن الزواج كلية (الرهبنة) وهذا ما منعه الإسلام منعاً باتاً لما له من آثار سيئة على الأخلاق فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم " النكاح سنتي ومن رغب عن سنتي فليس مني" متفق عليه. وقد يكون بتأخير الزواج وهذا أيضاً لا يحبذه الإسلام.
أو قد يكون بالامتناع عن الجماع في فترات معينة مثل فترة الرضاعة، أو أيام الخصوبة من الدورة الشهرية.
وجدير بالذكر أن هذه الطرق الطبيعية لمنع الحمل غير مضمونة تماماً ونسبة فشل(حدوث الحمل) فيها عالية.

ثانيا: وسائل تحتاج إلى إشراف طبي :
1 – حبوب منع الحمل :
وتوجد أنواع عدة لهذه الحبوب، فمنها الحبوب المركبة التي تحتوي على هرمونـي
الاستروجين والبروجسترون وتؤخذ لمدة 21 يوماً من الدورة الشهرية، ومنهـــا
الحبوب التي تحتوي على هرمون البروجسترون فقط وتعطى غالباً للمرضعات اللاتي
يرغبن بمنع الحمل واستمرار الرضاعة. وتؤخذ باستمرار طيلة الشهر.

2 – حقن منع الحمل :
وتحتوي على هرمون البروجسترون وتعطي حماية من الحمل لمدة ثلاثة أشهـــر
تقريباً.
3 – الهرمونات المغروزة تحت الجلد: وتعمل على منع الحمل لمدة خمس سنوات تقريباً.
4 – الوسائل الميكانيكية :
مثل الكبوت والحاجز المهبلي وغير ذلك وتستعمل هذه الوسائل وقت الحاجة.
5 – الأجهزة الرحمية (اللوالب) :
وتكون إما بلاستيكية أو مغطاة بالنحاس أو أنها قد تحتوي على هرمـــــون
البروجسترون.

ولكل من هذه الوسائل أضرار ومضاعفات ، ويجب أن لا تستعمل إلا بعد استشارة طبية.

التعقيــم :
لم يكن التعقيم معروفاً في الماضي سوى ما كان يجرى للعبيد من الخصاء، وقد نهى الإسلام عن ذلك واعتبره تغييراً لخلق الله. ثم صار الاخصاء يجرى للمجرمين والزناه والشاذين جنسياً، وفي العصر الحديث صار التعقيم منتشراً جداً ويجرى لأتفه الأسباب، ويكون التعقيم إما للرجال بقطع الحبل المنوي (الأسهر) وهي عملية جراحية بسيطة، يمكن أن تعمل دون الحاجة للتنويم في المستشفى. أو يكون للنساء بقطع قناتي الرحم (قناتي فالوب) أو ربطهما أو الاثنين معاً.
ولا بد من التخدير عند إجراء التعقيم للنساء، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق فتح البطن أو بواسطة منظار بطني، أو يمكن الوصول إلى القنوات عن طريق عنق الرحم بمنظار رحمي.
ويعتبر التعقيم وسيلة دائمة لمنع الحمل، فبالرغم من أن محاولة إعادة توصيل الأسهرين أو الانبوبين يمكن أن تنجح إلا أن هذا النجاح لا يتجاوز 30% في أحسن الحالات.

الأحكام الفقهية المتعلقة بمنع الحمل والتعقيم :
حكم منع الحمل المؤقت :
أفتى جمهور العلماء بأن سياسة منع الحمل الجماعية والتشجيع عليها سياسة خاطئة و مخالفة لتعاليم الدين الإسلامي، وذلك لأن الفكرة الأساسية التي تقوم عليها هي الخوف من الفقر وقلة الموارد وقد تكفل الله بأرزاق مخلوقاته أولهم وآخرهم وهيأ لهم من الوسائل الكفيلة بحصولهم على الرزق متى ما تبعوها.
قال تعالى : "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها". سورة هود، آية 6.

أما منع الحمل المؤقت على المستوى الفردي فقد أباحه جمهور العلماء بشرط أن لا يكون سياسة عامة للدولة وأن لا يكون فيه إكراه ، وأن لا يكون في ذلك ضرر على مستخدمه. ويشترط معظم الفقهاء موافقة كلا الزوجين على وسيلة منع الحمل وعلى وجود مصلحة لتأخير الحمل ، ومما تجدر الإشارة إليه أن وسائل منع الحمل غير الطبيعية كالحبوب والحقن واللوالب لها الكثير من الآثار الضارة والمضاعفات ، ولذلك لابد من أن تكون بوصفة طبية بعد فحص طبي شامل، ولا يجوز بيعها أو استهلاكها دون إذن طبي.

وقد استدل الفقهاء على حلّ منع الحمل أو تأخيره عند وجود الضرورة عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة وما ورد عن الصحابة من جواز العزل. وقد يكون منع الحمل واجباً في حالة الضرورة المحققة فلا ضرر ولا ضرار.

بعض الأحاديث التي وردت في العزل :
عن أسامة بن زيد أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "يا رسول الله إني أعزل عن امرأتي. فقال له رسول الله : لم تفعل ذلك؟ فقال الرجل : أشفق على ولدها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان ضاراً لضر فارس والروم" رواه مسلم.
وعن جابر رضي الله عنه قال : " كنا نعزل على عهد رسول الله والقرآن ينزل ولو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن". " فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهانا عنه. متفق عليه
وعن جابر رضي الله عنه أن رجلاً أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال "إن لي جارية وهي خادمتنا في النخل وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل فقال صلى الله عليه وسلم : إعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها" رواه مسلم.

وقد روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلمأن يعزل عن الحرة إلا بإذنها" رواه أحمد وابن ماجه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه في سنن أبي داود قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لايعزل عن الحرة إلا بإذنها".
وكل هذا دليل على جواز العزل فالرسول صلى الله عليه وسلم أقر الصحابة على فعله ، ولو كان محرماً لما أقرهم عليه.
وعن أسماء بنت زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا تقتلوا أولادكم سراً فإن الغيل يدرك الفارس فيعثره عن فرسه". رواه أبو داود.
وهذا الحديث دل على أن وطأ المرضع يؤثر على الرضيع حالاً أو مستقبلاً ومن هنا استنتج الفقهاء أن وطء المرضع مكروه إن خيف منه الضرر. وإن كانت مدة الرضاع حولين فلا يتمكن الزوج من مباشرة زوجته إلا عن طريق العزل، وهذا إذن ضمني بالعزل.

حكم التعقيــم :
أجمع الفقهاء على حرمة التعقيم ما لم يكن هناك سبب طبي قوي لذلك ويستوي في تحريم التعقيم أن يكون قبل الإنجاب أو بعده، ولا يهم هنا عدد مرات الإنجاب. ويجوز التعقيم للمرأة إذا كان هناك خطر على المرأة بسبب الحمل أو الولادة ولا يكون ذلك إلا في حالات قليلة مثل الفشل الكلوي أو أمراض القلب الشديدة أو مرض الذئبة الحمراء مع إصابة متقدمة بالكلى أو بعض الأمراض النفسية والعقلية الشديدة. أو الولادات المتكررة عن طريق العمليات القيصرية مما يجعل احتمال ولادة أخرى خطراً على الوالدة.
أما الرجل فلا توجد هناك أسباب صحية لتعقيمه أما الأسباب الاجتماعية فلا تعد ضمن الأسباب المعتبرة لإباحة التعقيم.
وما يحدث الآن في العالم الإسلامي من تعقيم للرجال والنساء على المستوى العام مخالف للشريعة الإسلامية وذلك لأن التعقيم يجرى لأسباب تافهة ولا تعتبر مبرراً لإباحته.

الخلاصـــة:
رغب الإسلام بزيادة النسل وضمن حفظه وحث على الزواج ورغب فيه، وكان الاتجاه العام للبشرية في كافة الأزمان هو الإكثار من الذرية، غير أنه ظهرت بعض الحركات الداعية لتحديد النسل وكانت نظرتهم مادية بحتة، وفي الوقت الحاضر تحاول الدول الغربية التأثير على الحكومات الإسلامية وإقناعها بالتأثير على السكان لتقليل النسل.
وتحديد النسل يكون إما مؤقتاً بوسائل متعددة أو قد يكون دائماً ويسمى التعقيم.
وقد أباح الفقهاء منع الحمل المؤقت بشرط أن لا يكون سياسة عامة للدولة وأن لا يكون بالإكراه وأن لا يكون فيه ضرر، ويشترط معظمهم موافقة الزوجين معاً على وسيلة منع الحمل. أما التعقيم (منع الحمل الدائم) فهو محرم ولا يجوز إلا لضرورة شرعية طبية يقدرها طبيب مسلم. والله أعلم.

جلال العسيلى
2014/03/08, 07:07 AM
بارك الله فيكم أخي
وحفظكم وأنار دربكم
وسدد للخير والهدى خطاكم

أبـو على
2014/03/08, 07:15 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير

اشرف فتحى
2014/03/08, 11:21 AM
بارك الله فيك
وجعلك من الصالحين دائما وأبدا
تقبل ودي وإحترامي
لشخصكم الكريم

yaqot
2014/03/08, 08:57 PM
أحبائي في الله
شرفني وأسعدني مروركم العطر
جزاكم الله خيراً
وأثابكم الفردوس الأعلى