أبـو على
2019/01/09, 06:47 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
المعيدي هذا له قصة بنيت عليها قصص كثيرة، كما أنه مثل دارج وينطق على ثلاث: الأول: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، والثاني: تسمع بالمعيدي لا أن تراه، والثالث: لئن تسمع بالمعيدي خير لك من أن تراه، أما اشهر روايات هذا المثل ما رواه الضبي أن رجلا من بني تميم يقال له: شقة بن ضمرة النهشلي أكثر من الغارات على مسالح الملك: المنذر بن المنذر اللخمي، والمسالح جمع مفردها: مسلحة وهي اطراف المملكة، وكان هذا الرجل شجاعا جسورا داهية اريبا، وخلال غاراته يستاق الكثير من نعم الملك المنذر، فأرسل له السرايا لقتله أو أسره، السرية تلو السرية وكل هذه السرايا تعود له بخفى حنين تجر أثواب الخيبة والانهزام لشدة حذر شقة ويقظته ومعرفته بطرق الصحراء، فلما اعيا المنذر أمره بذل له الف من خيرة نجائبه والامان له علىان يأتيه، فوافق شقة وذهب إلى الملك المنذر ودخل عليه وكان شقة قصيرا دميما ضعيفا تزدريه العين، مع شهرته الواسعة فما ان رآه الملك حتى قال له: من أنت؟ قال: شقة بن ضمرة، فقال له: تسمع بالمعيدي لا ان تراه!! فقال شقة: أبيت اللعن، إن القوم ليسوا بجزر تجزر، والمرء بأصغريه: قلبه ولسانه، ان تكلم، تكلم ببيان، وان قاتل، قاتل بجنان، والرجال لا تكال «بالقفزات»، فأعجب المنذر بمنطقه وسماه ضمرة على اسم ابيه ضمرة وكان ابوه اثيرا عند المنذر من اخص اصحابه، وهو من رجال تميم سؤددا وشجاعة وكرما، وأحب المنذر ان يحاوره فسأله: ما الفقر الحاضر والعجز الظاهر؟ فقال: أما الفقر الحاضر، فهو أن يكون الرجل لا يشبع نفسه ولو كان من ذهب حلسه، وأما العجز الظاهر فهو: ان يكون الرجل قليل الحيلة، لازما للحليلة!! يطيع قولها ويحوم حولها - ان غضبت رضاها وان رضيت فداها فلا كان ذاك في الاحياء ولا ولدت مثله النساء، فأزداد اعجاب المنذر به وقال له: لله ابوك، اخبرني عن الداء الدواء؟ قال: اما الداء الدواء فهو جار السوء، ان كلمته بهتك، وإن قاولته شتمك، وان غبت عنه، سبعك فاذا كان جارك فخل له دارك، وعجل منه بفرارك، وان رضيت بالدار!! فكن كالكلب الهرار، وأقر له بالذل والصغار، قال الملك: صدقت واتخذه نديما له، وحديث ضمرة بن ضمرة طويل اخترت منه ما يناسب، والمعيدي تصغير لمعدي بشد الدال وخففت بالتصغير، وكان كثير بن ابي جمعة الخزاعي «كثير عزة» ذا شهرة واسعة وهو مع شهرته واشعاره الرائقة قبيح المنظر قصيرا ما شئت من دمامة تجدها فيه مع ضعف البنية، وكان الخليفة الاموي الخامس عبدالملك بن مروان يتمنى رؤية كثير معجبا بقصائده، وبينما هو في مجلسه إذا بالحاجب يقول له: كثير عزة يستئذنك بالدخول يا أمير المؤمنين ففرح عبدالملك وأمر بإدخاله، فما أن رآه عبدالملك حتى قال له على الفور: تسمع بالمعيدي خير لك من أن تراه، فقال كثير عزة بثبات: حي هلا يا أمير المؤمنين، إنما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، إن قاتل، قاتل بجنان، وإن تحدث، تحدث بمنطق وبيان، وأنا الذي أقول:
وجربت الأمور وجربتني
فقد أبدت عريكتي الأمور
وما تخفى الرجال علي إني
بهم لأخو مثابته خبير
ترى الرجل النحيف فتزدريه
وفي أثوابه أسد هصور
ويعجبك الطرير إذا تراه
فيخلف ظنك الرجل الطرير
بغاث الطير أطولها رقابا
ولم تطل البزاة ولا الصقور
خشاش الطير أكثرها فراخا
وأم الصقر مقلات نزور
ضعاف الأسد أكثرها زئيرا
واصرمها اللواتي لا تزير
وقد عظم البعير بغير لب
فلم يستغن بالعظم البعير
فيركب ثم يضرب بالهراوي
ولا دفع لديه ولا نكير
يقوده الصبي بكل أرض
وينحره على الترب الصغير
فما عظم الرجال لهم بزين
ولكن زينهم كرم وخير
فإن أك في شراركم قليلا
فإني في خياركم كثير
والعجب كل العجب ممن يذكر ان هذه الابيات للشاعر العباسي: ربيعة بن ثابت الانصاري المشهور بربيعة الرقي الضرير وبينه وبين كثير عزة اكثر من ستين عاما، من وفاة كثير فليست هذه الأبيات من نهج ولا أسلوب ربيعة الرقي، ومن العجائب التي رواها ابن خلكان أن طالب علم جاء للحريري صاحب المقامات: محمد بن القاسم البصري، وما أن راه طالب العلم حتى فوجئ بدمامته وقبح وجهه ففهم الحريري ذلك واشار اليه ان يكتب:
ما أنت أول سار غره قمر
ورائد أعجبته خضرة الدمن
فاختر لنفسك غيري أنني رجل
مثل المعيدي فاسمع بي ولا ترني
دمتم سالمين في آمان الله.
منقول
السلام عليكم
المعيدي هذا له قصة بنيت عليها قصص كثيرة، كما أنه مثل دارج وينطق على ثلاث: الأول: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، والثاني: تسمع بالمعيدي لا أن تراه، والثالث: لئن تسمع بالمعيدي خير لك من أن تراه، أما اشهر روايات هذا المثل ما رواه الضبي أن رجلا من بني تميم يقال له: شقة بن ضمرة النهشلي أكثر من الغارات على مسالح الملك: المنذر بن المنذر اللخمي، والمسالح جمع مفردها: مسلحة وهي اطراف المملكة، وكان هذا الرجل شجاعا جسورا داهية اريبا، وخلال غاراته يستاق الكثير من نعم الملك المنذر، فأرسل له السرايا لقتله أو أسره، السرية تلو السرية وكل هذه السرايا تعود له بخفى حنين تجر أثواب الخيبة والانهزام لشدة حذر شقة ويقظته ومعرفته بطرق الصحراء، فلما اعيا المنذر أمره بذل له الف من خيرة نجائبه والامان له علىان يأتيه، فوافق شقة وذهب إلى الملك المنذر ودخل عليه وكان شقة قصيرا دميما ضعيفا تزدريه العين، مع شهرته الواسعة فما ان رآه الملك حتى قال له: من أنت؟ قال: شقة بن ضمرة، فقال له: تسمع بالمعيدي لا ان تراه!! فقال شقة: أبيت اللعن، إن القوم ليسوا بجزر تجزر، والمرء بأصغريه: قلبه ولسانه، ان تكلم، تكلم ببيان، وان قاتل، قاتل بجنان، والرجال لا تكال «بالقفزات»، فأعجب المنذر بمنطقه وسماه ضمرة على اسم ابيه ضمرة وكان ابوه اثيرا عند المنذر من اخص اصحابه، وهو من رجال تميم سؤددا وشجاعة وكرما، وأحب المنذر ان يحاوره فسأله: ما الفقر الحاضر والعجز الظاهر؟ فقال: أما الفقر الحاضر، فهو أن يكون الرجل لا يشبع نفسه ولو كان من ذهب حلسه، وأما العجز الظاهر فهو: ان يكون الرجل قليل الحيلة، لازما للحليلة!! يطيع قولها ويحوم حولها - ان غضبت رضاها وان رضيت فداها فلا كان ذاك في الاحياء ولا ولدت مثله النساء، فأزداد اعجاب المنذر به وقال له: لله ابوك، اخبرني عن الداء الدواء؟ قال: اما الداء الدواء فهو جار السوء، ان كلمته بهتك، وإن قاولته شتمك، وان غبت عنه، سبعك فاذا كان جارك فخل له دارك، وعجل منه بفرارك، وان رضيت بالدار!! فكن كالكلب الهرار، وأقر له بالذل والصغار، قال الملك: صدقت واتخذه نديما له، وحديث ضمرة بن ضمرة طويل اخترت منه ما يناسب، والمعيدي تصغير لمعدي بشد الدال وخففت بالتصغير، وكان كثير بن ابي جمعة الخزاعي «كثير عزة» ذا شهرة واسعة وهو مع شهرته واشعاره الرائقة قبيح المنظر قصيرا ما شئت من دمامة تجدها فيه مع ضعف البنية، وكان الخليفة الاموي الخامس عبدالملك بن مروان يتمنى رؤية كثير معجبا بقصائده، وبينما هو في مجلسه إذا بالحاجب يقول له: كثير عزة يستئذنك بالدخول يا أمير المؤمنين ففرح عبدالملك وأمر بإدخاله، فما أن رآه عبدالملك حتى قال له على الفور: تسمع بالمعيدي خير لك من أن تراه، فقال كثير عزة بثبات: حي هلا يا أمير المؤمنين، إنما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، إن قاتل، قاتل بجنان، وإن تحدث، تحدث بمنطق وبيان، وأنا الذي أقول:
وجربت الأمور وجربتني
فقد أبدت عريكتي الأمور
وما تخفى الرجال علي إني
بهم لأخو مثابته خبير
ترى الرجل النحيف فتزدريه
وفي أثوابه أسد هصور
ويعجبك الطرير إذا تراه
فيخلف ظنك الرجل الطرير
بغاث الطير أطولها رقابا
ولم تطل البزاة ولا الصقور
خشاش الطير أكثرها فراخا
وأم الصقر مقلات نزور
ضعاف الأسد أكثرها زئيرا
واصرمها اللواتي لا تزير
وقد عظم البعير بغير لب
فلم يستغن بالعظم البعير
فيركب ثم يضرب بالهراوي
ولا دفع لديه ولا نكير
يقوده الصبي بكل أرض
وينحره على الترب الصغير
فما عظم الرجال لهم بزين
ولكن زينهم كرم وخير
فإن أك في شراركم قليلا
فإني في خياركم كثير
والعجب كل العجب ممن يذكر ان هذه الابيات للشاعر العباسي: ربيعة بن ثابت الانصاري المشهور بربيعة الرقي الضرير وبينه وبين كثير عزة اكثر من ستين عاما، من وفاة كثير فليست هذه الأبيات من نهج ولا أسلوب ربيعة الرقي، ومن العجائب التي رواها ابن خلكان أن طالب علم جاء للحريري صاحب المقامات: محمد بن القاسم البصري، وما أن راه طالب العلم حتى فوجئ بدمامته وقبح وجهه ففهم الحريري ذلك واشار اليه ان يكتب:
ما أنت أول سار غره قمر
ورائد أعجبته خضرة الدمن
فاختر لنفسك غيري أنني رجل
مثل المعيدي فاسمع بي ولا ترني
دمتم سالمين في آمان الله.
منقول