تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تاريخ الكنافه فى مصر


هشام فرج
2010/07/30, 09:47 PM
في المعجم ورد ذكر الكِنافة كحَلْوَى تتخذ من عجين الحنطة يُجعَلُ على شَكْل خيوط دقيقة، ويتم إِنضاجها بالسمن في التَّنُّور ثم يضاف لها السكَّرُ المعْقَدُ، وأَكثر ما تُؤكَلُ في شهر رمضان لأن الجسم خلال يوم الصيام يفقد احتياجات أساسية يعوضها بها سكر الكنافة المعقود وسمنتها ولذا تُؤكل على الإفطار بينما القطائف عكسها؛ لأن بها مواد مهضمة فتؤكل بعده.
وقد تعددت الروايات حول بداية ظهور الكنافة، فقيل إن صانعي الحلويات في الشام هم من اخترعوها وابتكروها وقدموها خصيصًا إلى معاوية بن أبي سفيان هي والقطائف أيضًا حينما كان واليًا على الشام، حيث يُقال إن معاوية بن أبي سفيان كان أول من صنع الكنافة من العرب؛ حتى إن اسمها ارتبط به رضي الله عنه فقالوا: "كنافة معاوية"؛ ، فقد كان معاوية يحب الأكل، فشكا إلى طبيبه ما يلقاه من جوع في الصيام، فوصف له الطبيب الكنافة التي كان يتناولها في فترة السحور كأكلة سحور حتى تمنع عنه الجوع في نهار رمضان.
وقيل إن الكُنافة صُنعت خصيصًا لسليمان بن عبد الملك الأموى؛ لهذا نجد أن أهل الشام يُعدُّون من أبرع المختصين بصنع الكُنافة، كما قيل إن تاريخ الكنافة يعود إلى المماليك وقيل إن أصل الكنافة يرجع إلى العصر الفاطمي، وقد عرفها المصريون قبل أهل بلاد الشام، وذلك عند دخول الخليفة المعز لدين الله الفاطمي القاهرة؛ حيث كان ذلك في شهر رمضان، فخرج الأهالي لاستقباله بعد الإفطار ويتسارعون في تقديم الهدايا له ومن بين ما قدموه الكنافة على أنها مظهر من مظاهر التكريم، ثم إنها انتقلت بعد ذلك إلى بلاد الشام عن طريق التجَّار، وهناك ابتدع صانعو الحلويات بالشام طرقًا أخرى لصناعة الكنافة غير التي تفنَّن بها المصريون، فأضافوا لها الجبن، خاصةً النابلسية التي تشتهر بها مدينة نابلس، وكذلك أضافوا لها الفستق وقاموا بالتفنن في صناعتها بطرق مختلفة.
والكنافة ثلاثة أنواع: الأول يُسمى "شعر"؛ وذلك لخيوط الكنافة الرفيعة تمامًا مثل الشعر، وهو الأشهر لربات البيوت، والثاني "كنافة يدوي" وهي التي تعتمد على الطريقة التقليدية من خلال الوعاء ذي الثقوب، ويُطلق عليها "كنافة بلدي"، أما النوع الثالث والذي تُستخدم فيه الآلة ويُطلق عليها "كنافة ماكينة". ومن حيث طريقة العجين لدينا 3 أنواع الكنافة هي البصمة وهي المعروفة، والبورمة التي يتم تضفيرها أو تعمل صوابع أو حبل وتُحشى بالمكسرات. من أنواع الكنافة "النابولسية" (التي تكون بيضاء بعد سواها مثل البقلاوة البيضاء) و"الحلبية" ولكن كلاهما يعدهم الحلواني فقط.
ومما يدل على الأثر العظيم الذي أحدثته الكنافة في نفوس المجتمع المصري أن شيخ الإسلام جلال الدين السيوطي قام بجمع ما قيل في الكنافة في رسالةٍ سماها "منهل اللطائف في الكنافة والقطايف"، ومع تطور صناعة الحلوى أصبحت علمًا يُدرس في مختلف الجامعات ولا تزال الكنافة والقطايف من الأكلات المحببة لكثير من الشرقيين، وقد فرضت الكنافة سيطرتها على الشعراء فجاء شعرهم لها وصفًا وإعجابًا؛ حتى إن بعض شعراء العرب نظَّموا فيهما الشعر.
قطف القطائف

أما القطائف فيرجع تاريخ نشأتها واختراعها إلى نفس تاريخ الكنافة وقيل هي متقدمة عليها؛ أي أن القطايف أسبق اكتشافًا من الكنافة حيث تعود إلى أواخر العهد الأموي وأول العباسي، وفي روايات أخرى أنها تعود الى العصر الفاطمي. وقيل بل يرجع تاريخ صنعها إلى العهد المملوكي؛ حيث كان يتنافس صنَّاع الحلوى لتقديم ما هو أطيب، فابتكر أحدهم فطيرة محشوَّة بالمكسرات وقدمها بشكلٍ جميلٍ مزينة في صحنٍ كبيرٍ ليقطفها الضيوف ومن هنا اشتق اسمها (القطايف).
غلاء الأسعار
أسعار الكنافة في الخمسينيات كان الرطل بـ 3 قروش"، ثم تطورت إلى 60 قرشًا للكيلو حتى وصلت الآن إلى 360 قرشًا، أما القطائف فكانت بـ"3 قروش" للرطل وحتى وصلت إلى 4 جنيهات للكيلو، ويبدأ صانعو الكنافة في الاستعدادِ لها من شهر رجب وشعبان فيبدأون في شراء الدقيق من عدة مطاحن لتجربته ثم تجهيز الماكينة الآلية، وصينية الكنافة المعروفة، ورغم سيطرة التكنولوجيا على عمل الكنافة إلا أنَّ هناك عددًا من الصناع ما زال محتفظ بالطريقة القديمة لعمل الكنافة البلدي.
ويرى الحاج هاشم عبد الفتاح أن هناك كثيرًا من الأسر ما زالت تُفضل الكنافة البلدي عن الآلية، ويرون أن طعم البلدي وطريقتها أفضل بكثيرٍ من الأخرى، وهو ما دفعه إلى القيام بالنوعين معًا فلديه الصينية العتيقة ولديه الماكينة الحديثة، ويقول الحاج هاشم الذي تجاوز الخمسين عامًا إنَّ هناك مشكلةً تواجهه عند بداية الموسم لأنه ليس هناك صنايعية في الكنافة البلدي مما يضطره إلى الوقوف بنفسه ليعمل الكنافة البلدي، ويضيف أنه يبحث منذ بداية شهر رجب عن أحد الصنايعية في الأرياف والأقاليم ليتولى مسئولية الكنافة البلدي.
وعن توريث المهنة يقول الحاج هاشم إنه أصبح أمرًا في غاية الصعوبة فأبناؤه لا يرون في مهنةِ الحلواني ما يُرضي طموحهم، كما أن موضوع الكنافة موسمي وليس دائمًا والماكينة الآلية وفرَّت الكثير من الجهد.
أشهر صانعي الكنافة
أما الحاج أحمد عرفة أشهر كنفاني في مصر فيقول إن هناك سرًّا في ارتباطِ الكنافة برمضان، وسبب هذا السر أنه خلال يوم الصيام يفقد الجسم احتياجاتٍ أساسية تُعوضه بها مثل سكريات وسمنة الكنافة؛ ولذا تؤكل على الإفطار، بينما القطائف عكسها لأن بها مواد مهضمة فتؤكل بعد الأكل، مشيرًا إلى أن وقت الذروة للإقبال على الكنافة في رمضان هو الساعة الواحدة ظهرًا، وأن ربحية شهر رمضان من الكنافة فقط تُعادل شهرين في غير رمضان معللاً السبب في ذلك بأن الذي لا يشتريها طول السنة لا بد أن يشتريها في رمضان؛ لأنها من مظاهر ومباهج الشهر الكريم.
وأضاف أن الطبقة المتوسطة خصوصًا هي أكثر طبقة تُقبل على شراء الكنافة في رمضان؛ وذلك لأنها الطبقة التي تفضل الأكل المعد بالبيت؛ بينما العليا تُفضل الجاهز، والطبقة الثالثة المطحونة الله يعينها.
وعن بداية صنع الكنافة قال إن الكنافة في البداية كانت تُصنع على وِجاء من صاجٍ وصينية نحاس بالوقود الذي كان عبارة عن فحم، ومع التطور أصبح هناك فحم وبوتجاز؛ والآن حتى طريقة التصنيع تطورت فأصبحت كل خطواتها بالآلة الكهربائية من أول العجن والصب والتسوية وحتى لمها وتهويتها، موضحًا أن أول وأقدم وأسرع طريقة لطهي الكنافة كانت "المتشوحة"، وهي أن يتم وضع سلطانية فيها سمن وتُوضع على صاج نحاس "وِجاء" على النار أو الفحم, وبعد أن تغلي السمنة توضع الكنافة فتتشرب السمنة ثم تُرفع وتقلبها ويُضاف إليها الشربات أو السكر. وبعد دخول البوتجاز البيوت اختلقت طريقة العمل حيث يتم غليها على "عين البوتجاز" أو إدخالها الفرن، وهناك أنواع يعدها الحلواني فقط مثل طريقة الصوابع وطريقة الأحبال التي تُحشى بالمكسرات.
أما أماني حسن- ربة بيت- فتقول: إنها اعتادت منذ الطفولة أن تجد صينية الكنافة ضمن مائدة رمضان بعد الإفطار، وهو ما دفعها إلى إتقانِ عمل الكنافة والقطائف، كما أنها تتفنن في طرق عملها وهو ما اعتبرته توفيرًا بدلاً من أن تشتريها جاهزة.

جابر وليد جابر
2010/08/04, 10:53 PM
الف شكر اخى الغالى وبارك الله فيك