ahmed abdel azem
2021/05/06, 11:12 AM
أحباب سيدنا محمد اللهم صل عليه وسلم وآل البيت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مؤامرات إبليس .. حقيقة لا خيال
بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر
لا شك أن قمة نجاح إبليس في خداعه المتقن والمستمر للبشر أنه استطاع أن يجعلهم يظنون بل ويؤكدون أنهم غير خاضعين لأي تأثيرات منه ، بل واستطاع إقناع الكثيرين منهم لإنكار وجوده بالكلية ، ولكنهم ينفذون بدقة مخططات المؤامرة الكبرى لإبليس على البشر ، والجدير بالذكر أن إبليس كان يلقب بـ (طاووس الملائكة سابقا) ولكنه طرد من رحمة الله وتحول لكبير الشياطين اعتبارا من بداية نشأة آخر سلالات الإنس على الأرض والملقبين بـ (بني آدم) برفضه السجود لآدم واتخاذه من آدم وذريته العدو الأزلي ، ولا جدال أن إبليس قد طلب الإذن من الله أن يمهله ليوم القيامة فأمهله فما كان منه إلا أن أقسم بعزة الله (وهو أعلم وأدرى منا كبشر بعزة الله وجلاله) ليغوينهم أجمعين (جميع البشر) ، وذلك في تحدي سافر ومدان لخلق الله وقدره باستخلاف بني آدم على جزء من كونه وهو الأرض وهو ما نقرأ قصة كفره وإنظاره ووعيده في سور متعددة أبرزها سورة (ص) بقوله تعالى .. إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ{71} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ{72} فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ{73} إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ{74} قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ{75} قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ{76} قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ{77} وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ{78} قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{79} قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ{80} إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ{81} قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ{82} إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ{83} قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ{84} لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ{85}
ولن نناقش حمق إبليس الذي ظن أن السجود لآدم جاء بناء على أفضلية خلق جسد آدم من طين على خلق جسده من النار ، ولم يدرك أن السجود كان لجلال مهمة بني آدم بإعمار الأرض كخلفاء لله عليها ، فقد سقط إبليس بهذا الحمق في هوة الكفر بقيومية الله وساقه حمقه وعناده إلا يستغفر ويتوب بل جحد وتعنت على نفسه وأعلن الحرب على المخلوق الجديد (آدم وذريته) المستخلف على الأرض مدعيا أنه يستطيع أن يضله عن سبيل الله وطاعته حقدا منه وحسدا لمكانته التي نالها دون عناء أو استحقاق (على قدر ظنه) ولكننا بصدد رصد قسمه وتبعيات هذا القسم في كتاب الله القرآن أو ما تبقى من حقائق في بعض كتب السابقين ، وقد أخذ إبليس عهدا على نفسه وذريته أن يحيوا من أجل ضلال البشر بكل السبل والوسائل حتى أذن له الله فيما أقسم عليه وأوردها سبحانه في سورة الإسراء بقوله تعالى .. وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً{61} قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً{62} قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُوراً{63} وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً{64} إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً{65} ، وهو بلاغ واضح للبشر أن إبليس لن يتركهم طرفة عين دون وسوسة وتداخل في كل كبيرة وصغيرة في حياة البشر لعله يستطيع أن يضل أكبر عدد منهم (لأحتنكن ذريته إلا قليلا) .
ولم يترك الله البشر دون أن يحصنهم من قبل الوقوع في الخطيئة وأثناءها وبعد الوقوع فيها ، فقد أخبرنا بتفاصيل أفعال إبليس ووسوسته وجريانه مجرى الدم من ابن آدم ، وعلمنا سبحانه ما نحصن به أنفسنا من إبليس وشياطينه وهو بالاستعاذة بالله واللجوء لحماية كلماته وآياته ثم في النهاية حتى ولو وقع ابن آدم في حبائل الشيطان فما عليه سوى الاستغفار ، وهو ما أورث إبليس حزن الدنيا والآخرة ، فعندما أقسم إبليس لله قائلا وعزتك لأغوينهم ما دامت نفوسهم في أجسادهم فرد الله تعالى مقسما (وعزتي وجلالي لأغفرن لهم ما استغفروا) ، بل وأنزلها في قرآنه آيات تتلى ليوم الدين في سورة الزمر بقوله تعالى **قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53 ، بل وأعادها مرات ومرات في أحاديثه القدسية ( يا بن آدم لو جئتني بقراب الأرض خطايا ثم جئتني لا تشرك بي شيئا ، لغفرت لك على ما كان منك ولا أبالي) .
بل ومن كرم الله وفضله إن سبحانه جعل الاستغفار سببا في زيادة المال والأهل والولد والرزق والمتع والقوة والرحمة والحب والقرب من الله لعباده وأنزل هذا على ألسنة رسله وأنبيائه فنجده على لسان نوح يقول سبحانه .. فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً{10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً{11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً{12} ، ثم بقرار رباني في أكثر من عشرة مواضع أبرزها في سورتي البقرة والزمر بقوله تعالى **... وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، ثم في مطلع سورة هود بقوله تعالى .. وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ{3} .. وتبعها بلسان عبده ورسوله هود بقوله تعالى .. وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ{52} ، ثم على لسان نبيه صالح ... يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ{61} ، ثم على لسان نبيه شعيب بقوله تعالى .. وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ{90} ، بل أمر رسوله أن يستغفر للتائبين والمستغفرين في مواضع عديدة في قرآنه الكريم .
فما كان من ابن آدم إلا أنه خدع نفسه جهلا أو كبرا ، بادعاء أن إبليس لا وجود له ، وحتى لو كان موجودا فلا سلطان له عليه ولا يوسوس له وتلك كانت الخديعة الكبرى التي وسوس بها إبليس وأتباعه للبشر ، بل والأساس لكل خطيئة تؤدي للكفر والشرك بالله ، فصدق البشر أنفسهم وأمنوا أن كل ما يسمعونه أو يجدونه في نفوسهم من وسوسة ورغبات وشهوات هي الحق المطلق ، فسقطوا تباعا أمما بعد أمم وجماعات وفرادى عبر تاريخ البشرية ، وسقط العامة لجبابرة شياطين الإنس والجن الذين زوروا وأخفوا أوراق إدريس وصحف إبراهيم وموسى وزوروا التوراة والإنجيل ، وحتى بعد اكتمال الرشد البشري ونزول القرآن كدستور جامع شامل لتكليف الله لبني آدم بمهمتهم على الأرض مارسوا حرفة التزوير لمفاهيم هذا الدستور ، برغم أنهم جربوه وسادوا به الدنيا ولكنهم عادوا لغيهم وضلالهم فزوروا مفاهيم القرآن الأساسية وصنعوا منه أديانا متعددة ومختلفة ومنقسمة لجماعات وفرق وكل منهم تدعي أنها الحق المطلق ، ولذلك فلا عجب من اختلافهم وقتل بعضهم البعض وهم جميعا يحملون مسمى المسلمين ولكن لكل منهم دينه بعيدا ومختلفا عن دين الله الذي توارثوه وحرفوا مفاهيمه جهلا أو تعمدا أو حمقا وجحودا .
ولا شك أن الله قد تدرج في تكليفاته لابن آدم على قدر تزايد ميراثهم الفكري والحضاري عبر التاريخ فلم يكلفهم ما لا يطيقونه طبقا لقدراتهم وإمكانياتهم المتزايدة عبر العصور المتتالية ، ولكن تزايد ميراثهم البشري كان يصاحبه تزايد في قدراتهم على الابتكار والإتيان بالجديد وهو ما أساء شياطينهم استخدامه بالابتداع في دين الله ودستوره لهم للحياة على الأرض مدعومين بوسوسة الشياطين المتربصين بهم ليل نهار وساعد على انتشار الضلال بشدة عدم قدرة البشر على رؤية الشياطين إلا في أحوال نادرة وكان أولى بهم أن يكونوا على ثقة وإيمان بما يخبرهم به ربهم على أيدي رسله وأنبياءه وما تؤكده الأحداث والآيات والمعجزات في أنفسهم ، ثم على يد الأنبياء والصالحين في الدنيا.
واحترف البشر ارتكاب أحد جريمتين أساسيتين لا ثالث لهما وهو ما يمكن أن نسميهما حديثا باليمين المتطرف أو باليسار المتطرف ، والجريمة الأساسية الأولى والتي بدأها اليهود وسقط فيها معظم المسلمين من بعدهم هي أن يدعوا أنهم أبناء الله أو أولياءه وأحباءه وينكرون مهمة العبودية لله التي خلقهم الله من أجلها وهي إعمار الأرض كخليفة لله عليها ، ويدعون أن العبادات (مهام العبودية) هي ممارسة فروض ومناسك وشعائر التقرب لله ، فيهملون الإعمار ويتفرغون للمناسك والمبالعة في التقرب لله سواء كسلا أو مكرا وطمعا في متع الدنيا دون عناء الكد والكدح في الدنيا وهو ما نبههم له رب العزة بقوله تعالى .. **وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ .. }المائدة18 وقوله تعالى .. **وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاء اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ }الشورى6 ، والجريمة الثانية هي أن يعمروا الأرض لحسابهم وبقوانينهم منكرين سيطرة بل وأحيانا وجود إله خالق لهم وللكون لقوله تعالى .. **وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ }الأنعام29 ، وقوله تعالى .. **وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ }الجاثية24 ، وبينهما يتردد بعض من البشر مدفوعين ببقايا فطرتهم أو بعض علم اكتشفوا بعض أسراره وهم تائهين ما بين واقع الحياة المصبوغ بضلال شياطين الإنس والجن و بين ما يؤمنوا به وموجود بين أيديهم في آيات الله في كتابه العزيز ، ولكن الغالبية والتيار الأعظم لمسيرة ضلال البشر التاريخية ما زال يجرف في طريقه عموم البشر في أنهار الضلال والبهتان بإسقاطهم الأديان تباعا عبر التاريخ والتي بدأت بالقبالا ثم فرسان المعبد وانتهاء بالماسونية وهو ما سوف نتعرض لتفاصيله لاحقا..
نقلا عن صفحة السامري المسيح او الاعور الدجال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مؤامرات إبليس .. حقيقة لا خيال
بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر
لا شك أن قمة نجاح إبليس في خداعه المتقن والمستمر للبشر أنه استطاع أن يجعلهم يظنون بل ويؤكدون أنهم غير خاضعين لأي تأثيرات منه ، بل واستطاع إقناع الكثيرين منهم لإنكار وجوده بالكلية ، ولكنهم ينفذون بدقة مخططات المؤامرة الكبرى لإبليس على البشر ، والجدير بالذكر أن إبليس كان يلقب بـ (طاووس الملائكة سابقا) ولكنه طرد من رحمة الله وتحول لكبير الشياطين اعتبارا من بداية نشأة آخر سلالات الإنس على الأرض والملقبين بـ (بني آدم) برفضه السجود لآدم واتخاذه من آدم وذريته العدو الأزلي ، ولا جدال أن إبليس قد طلب الإذن من الله أن يمهله ليوم القيامة فأمهله فما كان منه إلا أن أقسم بعزة الله (وهو أعلم وأدرى منا كبشر بعزة الله وجلاله) ليغوينهم أجمعين (جميع البشر) ، وذلك في تحدي سافر ومدان لخلق الله وقدره باستخلاف بني آدم على جزء من كونه وهو الأرض وهو ما نقرأ قصة كفره وإنظاره ووعيده في سور متعددة أبرزها سورة (ص) بقوله تعالى .. إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ{71} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ{72} فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ{73} إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ{74} قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ{75} قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ{76} قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ{77} وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ{78} قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{79} قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ{80} إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ{81} قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ{82} إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ{83} قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ{84} لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ{85}
ولن نناقش حمق إبليس الذي ظن أن السجود لآدم جاء بناء على أفضلية خلق جسد آدم من طين على خلق جسده من النار ، ولم يدرك أن السجود كان لجلال مهمة بني آدم بإعمار الأرض كخلفاء لله عليها ، فقد سقط إبليس بهذا الحمق في هوة الكفر بقيومية الله وساقه حمقه وعناده إلا يستغفر ويتوب بل جحد وتعنت على نفسه وأعلن الحرب على المخلوق الجديد (آدم وذريته) المستخلف على الأرض مدعيا أنه يستطيع أن يضله عن سبيل الله وطاعته حقدا منه وحسدا لمكانته التي نالها دون عناء أو استحقاق (على قدر ظنه) ولكننا بصدد رصد قسمه وتبعيات هذا القسم في كتاب الله القرآن أو ما تبقى من حقائق في بعض كتب السابقين ، وقد أخذ إبليس عهدا على نفسه وذريته أن يحيوا من أجل ضلال البشر بكل السبل والوسائل حتى أذن له الله فيما أقسم عليه وأوردها سبحانه في سورة الإسراء بقوله تعالى .. وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً{61} قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً{62} قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُوراً{63} وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً{64} إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً{65} ، وهو بلاغ واضح للبشر أن إبليس لن يتركهم طرفة عين دون وسوسة وتداخل في كل كبيرة وصغيرة في حياة البشر لعله يستطيع أن يضل أكبر عدد منهم (لأحتنكن ذريته إلا قليلا) .
ولم يترك الله البشر دون أن يحصنهم من قبل الوقوع في الخطيئة وأثناءها وبعد الوقوع فيها ، فقد أخبرنا بتفاصيل أفعال إبليس ووسوسته وجريانه مجرى الدم من ابن آدم ، وعلمنا سبحانه ما نحصن به أنفسنا من إبليس وشياطينه وهو بالاستعاذة بالله واللجوء لحماية كلماته وآياته ثم في النهاية حتى ولو وقع ابن آدم في حبائل الشيطان فما عليه سوى الاستغفار ، وهو ما أورث إبليس حزن الدنيا والآخرة ، فعندما أقسم إبليس لله قائلا وعزتك لأغوينهم ما دامت نفوسهم في أجسادهم فرد الله تعالى مقسما (وعزتي وجلالي لأغفرن لهم ما استغفروا) ، بل وأنزلها في قرآنه آيات تتلى ليوم الدين في سورة الزمر بقوله تعالى **قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53 ، بل وأعادها مرات ومرات في أحاديثه القدسية ( يا بن آدم لو جئتني بقراب الأرض خطايا ثم جئتني لا تشرك بي شيئا ، لغفرت لك على ما كان منك ولا أبالي) .
بل ومن كرم الله وفضله إن سبحانه جعل الاستغفار سببا في زيادة المال والأهل والولد والرزق والمتع والقوة والرحمة والحب والقرب من الله لعباده وأنزل هذا على ألسنة رسله وأنبيائه فنجده على لسان نوح يقول سبحانه .. فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً{10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً{11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً{12} ، ثم بقرار رباني في أكثر من عشرة مواضع أبرزها في سورتي البقرة والزمر بقوله تعالى **... وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، ثم في مطلع سورة هود بقوله تعالى .. وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ{3} .. وتبعها بلسان عبده ورسوله هود بقوله تعالى .. وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ{52} ، ثم على لسان نبيه صالح ... يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ{61} ، ثم على لسان نبيه شعيب بقوله تعالى .. وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ{90} ، بل أمر رسوله أن يستغفر للتائبين والمستغفرين في مواضع عديدة في قرآنه الكريم .
فما كان من ابن آدم إلا أنه خدع نفسه جهلا أو كبرا ، بادعاء أن إبليس لا وجود له ، وحتى لو كان موجودا فلا سلطان له عليه ولا يوسوس له وتلك كانت الخديعة الكبرى التي وسوس بها إبليس وأتباعه للبشر ، بل والأساس لكل خطيئة تؤدي للكفر والشرك بالله ، فصدق البشر أنفسهم وأمنوا أن كل ما يسمعونه أو يجدونه في نفوسهم من وسوسة ورغبات وشهوات هي الحق المطلق ، فسقطوا تباعا أمما بعد أمم وجماعات وفرادى عبر تاريخ البشرية ، وسقط العامة لجبابرة شياطين الإنس والجن الذين زوروا وأخفوا أوراق إدريس وصحف إبراهيم وموسى وزوروا التوراة والإنجيل ، وحتى بعد اكتمال الرشد البشري ونزول القرآن كدستور جامع شامل لتكليف الله لبني آدم بمهمتهم على الأرض مارسوا حرفة التزوير لمفاهيم هذا الدستور ، برغم أنهم جربوه وسادوا به الدنيا ولكنهم عادوا لغيهم وضلالهم فزوروا مفاهيم القرآن الأساسية وصنعوا منه أديانا متعددة ومختلفة ومنقسمة لجماعات وفرق وكل منهم تدعي أنها الحق المطلق ، ولذلك فلا عجب من اختلافهم وقتل بعضهم البعض وهم جميعا يحملون مسمى المسلمين ولكن لكل منهم دينه بعيدا ومختلفا عن دين الله الذي توارثوه وحرفوا مفاهيمه جهلا أو تعمدا أو حمقا وجحودا .
ولا شك أن الله قد تدرج في تكليفاته لابن آدم على قدر تزايد ميراثهم الفكري والحضاري عبر التاريخ فلم يكلفهم ما لا يطيقونه طبقا لقدراتهم وإمكانياتهم المتزايدة عبر العصور المتتالية ، ولكن تزايد ميراثهم البشري كان يصاحبه تزايد في قدراتهم على الابتكار والإتيان بالجديد وهو ما أساء شياطينهم استخدامه بالابتداع في دين الله ودستوره لهم للحياة على الأرض مدعومين بوسوسة الشياطين المتربصين بهم ليل نهار وساعد على انتشار الضلال بشدة عدم قدرة البشر على رؤية الشياطين إلا في أحوال نادرة وكان أولى بهم أن يكونوا على ثقة وإيمان بما يخبرهم به ربهم على أيدي رسله وأنبياءه وما تؤكده الأحداث والآيات والمعجزات في أنفسهم ، ثم على يد الأنبياء والصالحين في الدنيا.
واحترف البشر ارتكاب أحد جريمتين أساسيتين لا ثالث لهما وهو ما يمكن أن نسميهما حديثا باليمين المتطرف أو باليسار المتطرف ، والجريمة الأساسية الأولى والتي بدأها اليهود وسقط فيها معظم المسلمين من بعدهم هي أن يدعوا أنهم أبناء الله أو أولياءه وأحباءه وينكرون مهمة العبودية لله التي خلقهم الله من أجلها وهي إعمار الأرض كخليفة لله عليها ، ويدعون أن العبادات (مهام العبودية) هي ممارسة فروض ومناسك وشعائر التقرب لله ، فيهملون الإعمار ويتفرغون للمناسك والمبالعة في التقرب لله سواء كسلا أو مكرا وطمعا في متع الدنيا دون عناء الكد والكدح في الدنيا وهو ما نبههم له رب العزة بقوله تعالى .. **وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ .. }المائدة18 وقوله تعالى .. **وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاء اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ }الشورى6 ، والجريمة الثانية هي أن يعمروا الأرض لحسابهم وبقوانينهم منكرين سيطرة بل وأحيانا وجود إله خالق لهم وللكون لقوله تعالى .. **وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ }الأنعام29 ، وقوله تعالى .. **وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ }الجاثية24 ، وبينهما يتردد بعض من البشر مدفوعين ببقايا فطرتهم أو بعض علم اكتشفوا بعض أسراره وهم تائهين ما بين واقع الحياة المصبوغ بضلال شياطين الإنس والجن و بين ما يؤمنوا به وموجود بين أيديهم في آيات الله في كتابه العزيز ، ولكن الغالبية والتيار الأعظم لمسيرة ضلال البشر التاريخية ما زال يجرف في طريقه عموم البشر في أنهار الضلال والبهتان بإسقاطهم الأديان تباعا عبر التاريخ والتي بدأت بالقبالا ثم فرسان المعبد وانتهاء بالماسونية وهو ما سوف نتعرض لتفاصيله لاحقا..
نقلا عن صفحة السامري المسيح او الاعور الدجال