تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : احمد رامى يرثى عبد الناصر


albasher_2010
2012/01/13, 04:15 AM
ماذا أقـول وقـد قـال المحبونـا ما طـاب فى الذكر تمجيدا وتأبينا
لم تبق من شفـة إلا أطــاف بها صــوت يناديك محمولاً ومدفونا
أو مقلة لـم تفض بالدمـع جازعة على سكوتـك يا خيـر المـلبينا
نادوك حيـاً فلبيت الـذى هـتفت به المــلايين تأييــداً وتمكينا
واليـوم نـادوا فلـم تسمع شكايتهم ولم تـرد ســؤالاً للمنـادينــا
طافـوا بنعشـك فـى يـم هوادره أجسادهـم رافعين الصوت داعينا
سبقتهم فى طـريـق الحـق مفتدياً وقدتهـم فى سبيـل الخير ساعينا
ولم تــدع شـاكيـاً إلا رأفت به ولم تـذر كادحاً فى الرزق مغبونا
جمعتهـم حـول راعٍ آمنـوا بيـد تمتـد منـه فتجـزى المستحقينا
من صـانع بـارع الكـفين مبتدعٍ وزارع يجعـل الصـحرا بساتينا
هذا على السـد مـرفوعـاً بهمتـة وذا على الـزرع يجنيـه أفانينـا
يا ناصر السلم قد أضنيت روحك فى سبيله ثم جــاوزت المضـحينا
ما زلت تسعـى إليه فى مواطنــه وتسهـر الليل مهمـوماً ومحزونا
حتى وقفت مسيـلاً مـن زكـى دمٍ جـرى هبـاءً وأَلفت المعـادينـا
ثم انثنيت وإحــدى راحتيك على عهد الوفـاء وبالأخــرى تحيينا
مودعاً ليلة الإســراء مبتغيــاً لقاءَ ربــك فى ركب النبيينــا
تبارك الله عينــى أينمـا نظرت رأت على صـدق مسعـاه براهينا
أضـاء للحــق آفـاقـا مــلبدة وسـار فى حـالك الأيـام يهدينا
وبــدد الظلـم فانـجابت غشاوته وأرسل العــدل يرعانـا ويحمينا
وشجع العلــم والعـرفان فانطلقت طلائــع الفكـر تحصيلاً وتدوينا
وسانـد الفن فانسابت مشاعــره تزيـد فى الفن إبـداعـا وتلوينـا
وكـرم الأدب السامـىِ فــزوده من خالص الـروح الهامـاً وتبيينا
هـذى أيـاديـه أعـلام ترف على مشارف المجـد فى أنحـاء وادينا
ما غاب عن مصر من ظلت مواقفه تفجر العـزم فى مصــرٍ براكينا
تمضـى الليالـى وما بثت مبادئـه باقٍ على الدهر تسرى روحه فينا
يعيش فى فمنـا ذكــراً نــردده وفى خواطــرنـا طيفـاً يناجينا
وكيف ننسـاه أو ننســى مآثـره إنا اتخـذنـا لنا مـن حبـه دينا




--------------------------------------------------------------------------------

* أحمد رامى، "إلى روح عبد الناصر"، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد "جمال عبد الناصر"، (القاهرة : مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، 1973)، ص 179 ـ 183.

albasher_2010
2012/01/13, 04:27 AM
كنا كباراً معه فى كتب الزمان

كنا خيولاً تشعل الآفاق عنفوان

كان النسر الخرافى الذى يشيلنا

على جناحيه إلى شواطئ الأمان

كان كبيراً كالمسافات ..

مضيئاً ، كالمنارات ..

جديداً كالنبوءات ..

عميق الصوت كالكهان ..

وكان فى عينيه برقٌ دائم

يشبه ما تقوله النيران للنيران

ـ 2 ـ

كنا شموساً معه

نوزع الضوء على مساحة الأكوان

كنا جبالاً معه حجر الصوان

وكان يحمينا من الركوع والهوان

كنا نسمى .. باسمه

إذا نسينا مرة أسماءنا

كنا نناديه جميعاً يا أبى

إذا أضعنا مرة آباءنا

فهو الذى أطلقنا من رقنا

وهو الذى حررنا من خوفنا

وهو الذى أيقظ فى أعماقنا الإنسان

ـ 3 ـ

كان هو الأجمل فى تاريخنا

والنخلة الأطول فى صحرائنا

كان هو الحلم الذى يورق فى أهدابنا

كان هو الشعر الذى يولد مثل البرق من شفاهنا

كان بنا يطير فوق جغرافية المكان

مستهزنا فى هذه الحواجز المصطنعة

من هذه الممالك المخترعة

من هذه الملابس الضيقة المضحكة المرقعة

من هذه البيارق الباهتة الألوان

ـ 3 ـ

كنا على صورتنا

كنا على صورته

كان يرى التاريخ فى نظرتنا

كنا نرى المستقبل الجميل فى نظرته

جبهتنا مرفوعة تستلهم الشموخ من جبهته

قبضتنا قوية تستلهم القوة من قبضته

أولانا قد رضعوا الحليب من ثورته

كان هوة القوة فى أعماقنا

واللهب الأزرق فى أحداقنا

والريح والإعصار والطوفان

ـ 5 ـ

كان هو المهدى فى خيالنا

وكان هو فى معطفه يخبئ الأمطار

وكان إذ ينفخ فى مزماره

تتبعه الأشجار

وكان فى جبينه سنابل وحنطة

وفى رنين صوته ما يشبه الأذان

وكان فى قدرته أن يطلع السنابل

ويجمع القبائل

ويستثير نخوة الفرسان

ويرجع الملك إلى بيت بنى عدنان

ـ 6 ـ

كان هو النجمة فى أسفارنا

والجملة الخضراء فى تراثنا

كان هو المسيح فى اعتقادنا

فهو الذى عمدنا

وهو الذى وحدنا

وهو الذى علمنا

أن الشعوب تسجن السجان

وأنها حين تجوع تأكل القضبان

ـ 7 ـ

يا ناصر البعيد قد أوجعنا الغياب

نمد أيدينا إليك كلما حاصرنا الصقيع والضباب

نبحث عن عينيك فى الليل ولا نمسك إلا الوهم والسراب

يا ناصر العظيم أين أنت ؟ أين أنت ؟

بعدك لا زرع ولا ضرع ولا سحاب

بعدك لا شعر ولا نثر ولا فكر ولا كتاب

بعدك نام السيف فى مرابه واستنسر الذباب

ـ 8 ـ

يا ناصر العظيم

هل تقرأ فى منفاك أخبار الوطن

فبعضه مغتصب .. وبعضه مؤجر وبعضه مقطع وبعضه مرقع

وبعضه مستسلم وبعضه ممزق وبعضه ليس له سقف ولا أبواب

يا ناصر العظيم لا تسأل عن الأعراب

فإنهم قد أتقنوا صناعة السباب

وواصلوا الحوار بالظفر وبالأنياب

وحاصروا شعوبهم بالنار والحراب

يا ناصر العظيم سامحنى فما لدى ما أقوله

فى زمن الخراب ...