الإِمَامُ الطَّبَرَاني
هُوَ الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ الرَّحَّالُ الجَوَّالُ أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ مُطَيْرٍ الطَّبَرَانيّ
وُلِدَ سَنَةَ 260 هـ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 360 هـ 0
ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
سَمِعَ مِن عَبْدِ اللهِ بْن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَل، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ الحُسَيْنِ المَصِّيصِيّ، وَعَلِيِّ بْنِ عبدِ الصَّمد، وَعَمْرِو بْنِ أَبي سَلَمَةَ التِّنِّيسِيّ، وَرَوَى عَن أَبي زُرْعَةَ الرَّازِي الدِّمَشْقِيّ 0
ـ أَشْهَرُ تَلاَمِذَتِه رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
حَدَّثَ عَنهُ الحَافِظُ ابْنُ عُقْدَةَ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِه، وَابنُ مَنْدَة، وَأَبُو بَكْرٍ بْنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو نُعَيْم، وَأَبُو سَعِيدٍ النَّقَّاش، وَالحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ المَرْزُبان، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفَّار، وَآخَرُون 0
ـ قَالُواْ عَن عَدَدِ شُيُوخِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
«سَمِعَ مِنْ نَحْوِ أَلْفِ شَيْخٍ أَوْ يَزِيدُون» 0
ـ قَالُواْ عَنْ سَعَةِ حِفْظِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ:
سُئِلَ الحَافِظُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الشِّيرَازِيُّ عَنِ الإِمَامِ الطَّبَرَانيِّ فَقَال: «كَتَبْتُ عَنهُ ثَلاَثَمِاْئَةِ أَلْفِ حَدِيث» 0
رَوَى أَبُو المكَارمِ اللَّبَّانُ عَن غَانِمٍ الْبُرجِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ محَمَّدِ بْنِ الهَيْثَمِ يَقُول: سَمِعْتُ أَبا جَعْفَرٍ بْنَ أَبي السَّرِيِّ قَال: قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ عُقدَةَ [وَكَانَ آيَةً في دِقَّةِ الحِفْظ]:
«مَا أَعْرِفُ لأَبي الْقَاسِمِ [أَيِ الطَّبرَانيِّ] نَظِيرَاً» 0
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ فَارِسَ اللُّغَوِيّ: سَمِعْتُ الأُسْتَاذَ الْوَزِيرَ ابْنَ الْعَمِيدِ يَقُول: مَا كُنْتُ أَظنُّ أَنَّ في الدُّنْيَا حَلاَوَةً أَلذَّ مِنَ الرِّئَاسَةِ وَالْوَزَارَةِ الَّتي أَنَا فِيهَا؛ حَتىَّ شَاهدْتُ مُذَاكَرَةَ أَبي الْقَاسِمِ الطَّبَرَانيِّ وَأَبي بَكْرٍ الجِعَابيِّ بحَضْرَتي، فَكَانَ الطَّبَرَانيُّ يَغْلِبُ أَبَا بَكْرٍ بكَثْرَةِ حِفْظِهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَغْلِبُ بِفِطْنَتِهِ وَذَكَائِهِ حَتىَّ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُما، وَلاَ يَكَادُ أَحَدُهُمَا يَغْلِبُ صَاحِبَهُ؛
فَقَالَ الجِعَابيّ: عِنْدِي حَدِيثٌ لَيْسَ في الدُّنْيَا إِلاََّ عِنْدِي؛ فَقَالَ لَهُ الطَّبَرَانيُّ هَاتِهِ؛ فَقَال: حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الجُمَحِيُّ قَال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ 000 وَحَدَّثَ بِحَدِيث، فَقَالَ الطَّبَرَانيّ: أَخْبَرَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوب، وَمِنيِّ سَمِعَهُ أَبُو خَلِيفَة؛ فَاسْمَعْ مِنيِّ حَتىَّ يَعْلُوَ فِيهِ إِسْنَادُك؛ فَخَجِلَ الجِعَابيّ؛ فَوَدِدْتُ أَنَّ الْوزَارَةَ لَمْ تَكُن، وَكُنْتُ أَنَا الطَّبَرَانيُّ وَفَرِحْتُ كَفَرَحِهِ: أَيْ بِالظَّفَرِ عَلَى الجِعَابيّ؛ فَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الجِعَابيُّ آيَةً في الحِفْظِ نَادِرَةً مِنْ نَوَادِرِ الزَِّمَان» 0
ـ ثَنَاءُ الأَئِمَّهِ عَلَيْه، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ:
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبي عَلِيٍّ المُعَدَّل:
«الطَّبَرَانيُّ أَشْهَرُ مِن أَنْ يَدُلَّ عَلَى فَضْلِهِ وَعِلْمِهِ أَحَد، كَانَ وَاسِعَ الْعِلْمِ كَثِيرَ التَّصَانِيف، وَقِيلَ ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ في آخِرِ أَيَّامِهِ» 0
ـ قَالُواْ عَنْ تَقْدِيرِ الشُّيُوخِ لَهُ:
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظ: «سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ بُنْدَارَ يَقُول: حَضَرْتُ مَجْلِسَ عَبْدَان، فَخَرَجَ ليُمْلِي؛ فَجَعَلَ المُسْتَمْلِي يَقُولُ لَهُ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُمْلِيَ فَيَقُول: حَتىَّ يَحْضُرَ الطَّبَرَاني؛ فَأَقْبَلَ أَبُو الْقَاسِمِ بَعْدَ سَاعَةٍ متَّزِرَاً بِإِزَارٍ مُرْتَدِيَاً بآخَرَ، وَمَعَهُ أَجْزَاء، وَقَدْ تَبِعَهُ نحْوٌ مِن عِشْرِينَ نَفْسَاً مِنَ الْغرباءِ مِنْ بلدَانٍ شَتىَّ حَتىَّ يُفيدَهُمْ الحَدِيث» 0
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ مَرْدَوَيْه في «تَارِيخِهِ»:
«لَمَّا قَدِمَ الطَّبَرَانيُّ إِلىَ أَصْبَهَانَ قبَّلَهُ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ محَمَّدِ بْنِ رُسْتُمَ الْعَامِلُ، وَضَمَّهُ إِلَيْه، وَأَنْزَلَهُ المَدِينَةَ وَأَحْسَنَ مَعُونَتَهُ، وَجَعَلَ لَهُ مَعْلُومَاً مِنْ دَارِ الخَرَاجِ فَكَانَ يَقْبِضُهُ إِلىَ أَنْ مَات» 0
ـ قَالُواْ عَنْ عِفَّتِهِ وَعِزَّةِ نَفْسِهِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة:
قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ السُّلَمِيّ:
«سَمِعْتُ الإِمَامَ الطَّبَرَانيَّ يَقُول: لَمَّا قَدِمَ أَبُو عَلِيٍّ بْنُ رُسْتُمَ بْنِ فَارِسَ دَخَلْتُ عَلَيْه؛ فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْكُتَّاب؛ فَصَبَّ عَلَى رِجْلِهِ خَمْسَمِاْئَةِ دِرْهَم، فَلَمَّا خَرَجَ الْكَاتِبُ أَعْطَانيْهَا، فَلَمَّا دَخَلَتْ بْنتُهُ أُمُّ عَدْنَانَ صَبَّتْ عَلَى رِجْلِهِ خَمْسَمِاْئَةٍ؛ فَقُمْتُ؛ فَقَال: إِلىَ أَيْن 00؟
قُلْتُ: قُمْتُ لِئَلاََّ تَقُولَ جَلَسْتُ لِهَذَا؛ فَقَال: ارْفَعْ هَذِهِ أَيْضَاً، فَلَمَّا كَانَ آخِرَ أَمْرِهِ تَكَلَّمَ في أَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا بِبَعْضِ الشَّيْء؛ فَخَرَجْتُ وَلَمْ أَعُدْ إِلَيْهِ بَعْد» 0
ـ قَالُواْ عَنْ مُؤَلَّفَاتِه رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحمَهُ الله: «مِنْ تَوَالِيفِهِ: «المُعْجَمُ الصَّغِير 0 مُجَلَّد» عَنْ كُلِّ شَيْخٍ حَدِيث وَ «المُعْجَمُ الْكَبِير 0 ثَمَانِ مُجَلَّدَات» وَهُوَ مُعْجَمُ أَسْمَاءِ الصَّحَابةِ وَترَاجِمِهِمْ وَمَا رَوَوْهُ، لَكنْ لَيْسَ فِيهِ مُسْندُ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، وَلاَ اسْتَوْعَبَ حَدِيثَ الصَّحَابَةِ المُكْثِرِين وَ «المُعْجَمُ الأَوْسَط 0 خَمْسَ مجَلَّدَات» عَلَى مَشَايِخِهِ المُكْثِرِين، وَغَرَائِبُ مَا عِنْدَهُ عَنْ كُلِّ وَاحِد» 0
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه: «وَلأَبي الْقَاسِمِ مِنَ التَّصَانيْفِ كِتَابُ «السُّنَّة 0 مُجَلَّد» وَ «الدُّعَاء 0 مُجَلَّد» وَ «الطوالاِت 0 مُجَيْلِيد» وَ «مُسْنَدِ شُعْبَةَ 0 كَبِير»، «مُسْنَدُ سُفْيَان» وَ «مَسَانيْدِ الشَّامِيِّين» وَ «التَّفْسِير 0 كَبِيرٌ جِدَّاً» وَ «الأَوَائِل» وَ «الرَّمْي» وَ «المنَاسِك» وَ «النَّوَادِر» وَ «دلاَئِلِ النُّبُوَّة 0 مُجَلَّد» وَ «عِشْرَةِ النِّسَاء»، وَأَشْيَاءُ سِوَى ذَلِكَ لَمْ نَقِفْ عَلَيْهَا،
مِنهَا: «مُسْنَدُ عَائِشَة»، «مُسْندُ أَبي هُرَيْرَة»، «مُسْندُ أَبي ذَرّ»،
«مَعْرِفَةُ الصَّحَابَة» وَ «الْعِلْم»، «الرُّؤْيَة»، «فَضْلُ الْعَرَب»،
«الجُود»، «الْفَرَائِض»، «منَاقِبُ أَحْمَد» وَ «كِتَابُ الأَشْرِبَة»،
«كِتَابُ الأَلْوِيَةِ في خِلاَفَةِ أَبي بَكْرٍ وَعُمَر»، وَغَيْرُ ذَلِك، وَقَدْ سَمَّاهَا الحَافِظُ يحْيىَ بْنُ مَنْدَة، وَأَكْثَرُهَا مَسَانِيدُ حُفَّاظٍ لَمْ نَرَهَا» 0
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْفَقِيه: «سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بْنَ حَمْدَانَ وَأَبا الحَسَنِ المَدِينيَّ وَغيرَهُمَا يَقُولُون: سَمِعْنَا الطَّبَرَانيَّ يَقُول: «هَذَا الْكِتَابُ رُوحي»: يَعْني «المُعْجَمَ الأَوسطَ»» 0
إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه
هُوَ الإِمَامُ الْكَبِيرُ شَيْخُ المَشْرِقِ وَسَيِّدُ الحُفَّاظ / أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَخْلَدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَطَرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ غَالِبِ بْنِ رَاهَوَيْه التَّمِيمِيّ 0
وُلِدَ سَنَةَ 161 هـ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 238 هـ 0
ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ:
سَمِعَ مِن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ، وَسَمِعَ الفُضَيْلَ بْنَ عِيَاض، وَمُعْتَمِرَ بْنَ سُلَيْمَان، وَعَبْدَ الرَّزَّاق، وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ محَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيّ، وَأَبَا خَالِدٍ الأَحْمَر، وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَة، وَعِيسَى بْنَ يُونُس، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ وَهْب، وَغُنْدَرَاً / محَمَّدَ بْنَ جَعْفَر، وَالوَلِيدَ بْنَ مُسْلِم، وَيحْيىَ بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّان، وَوَكِيعَ بْنَ الجَرَّاحِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ عُلَيَّة، وَحَفْصَ بْنَ غِيَاث، وَيَزِيدَ بْنَ هَارُون، وَيحْيىَ بْنَ آدَم، وَالنَّضْرَ بْنَ شُمَيْل، وَأَسْبَاطَ بْنَ محَمَّد، وَبَقِيَّةَ بْنَ الْوَلِيد، وَأَبَا بَكْرٍ بْنَ عَيَّاش، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيّ، وَأُمَمَاً بِخُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ وَالحِجَازِ وَاليَمَنِ وَالشَّام 0
ـ أَشْهَرُ تَلاَمِذَتِه:
حَدَّثَ عَنهُ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيد، وَيحْيىَ بْنُ آدَم [وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ] وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَيحْيىَ بْنُ مَعِينٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَمحَمَّدُ بْنُ يحْيىَ، وَمحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيّ، وَمُسْلِمُ بْنُ الحَجَّاجِ في «صَحِيحَيْهِمَا»، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ في «سُنَنِهِمَا»، وَمحَمَّدُ بْنُ عِيسَى السُّلَمِيُّ في «جَامِعِه» وَأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبي طَالِبٍ، وَمُوسَى بْنُ هَارُون، وَمحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيّ، وَجَعْفَرٌ الْفِرْيَابيّ، وَدَاوُدٌ الظَاهِرِيّ، وَالحُسَيْنُ بْنُ محَمَّدٍ الْقَبَّانيّ، وَمحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الجَارُودِيّ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ المُلَقَّبُ بِالسَّرَّاج 0 خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ 0
قَالَ محَمَّدُ بْنُ رَافِع: قَالَ لي إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه؛ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
«كَتَبَ عَنيِّ يحْيىَ بْنُ آدَمَ رَحمَهُ اللهُ أَلْفَيْ حَدِيث» 0
ـ قَالُواْ عَنْ جَوْدَةِ حِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد: الحُفَّاظُ بِخُرَاسَان:
«إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه، ثُمَّ عَبْدُ اللهِ الدَّارِمِيّ، ثُمَّ محَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ» 0
رَوَى الحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ يحْيىَ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ حَيَّوَيْهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا دَاوُدَ الخَفَّافَ يَقُول:
«أَمْلَى عَلَيْنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ مِن حِفْظِهِ، ثمَّ قَرَأَهَا عَلَيْنَا فَمَا زَادَ حَرْفَاً، وَلاَ نَقصَ حَرْفَاً» 0
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبي طَالِب: «فَاتَني عَن إِسْحَاقَ مجْلِسٌ مِنْ مُسْنَدِهِ، وَكَانَ يُمِلُّهُ حِفْظَاً، فَتَرَدَّدْتُ إِلَيْهِ مِرَارَاً لِيُعِيدَهُ؛ فَتَعَذَّرَ؛ فَقَصَدْتُهُ يَوْمَاً لأَسْأَلَهُ إِعَادَتَهُ وَقَدْ حَمَلْتُ إِلَيْهِ حِنْطَةً مِنَ الرُّسْتَاقِ فَقَالَ لي: تَقُومُ عِنْدِي وَتَكْتُبُ وَزْنَ هَذِهِ الحِنْطَة؛ فَإِذَا فَرَغْتَ أَعَدْتُ لَك؛ فَفَعَلْتُ
ذَلِك؛ فَسَأَلَني عَن أَوَّلِ حَدِيثٍ مِنَ المَجْلِس، ثُمَّ اتَّكَأَ عَلَى عِضَادَةِ الْبَابِ فَأَعَادَ المجْلِسَ حِفْظَاً، وَكَانَ قَدْ أَمْلَى «المُسْنَدَ» كُلَّهُ حِفْظَاً» 0
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَة: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِي يَقُول: «ذَكَرْتُ لأَبي زُرْعَةَ الرَّازِي حِفْظَ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه؛ فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي: مَا رُئِيَ أَحْفَظُ مِن إِسْحَاق 00!!
ثمَّ قَالَ أَبُو حَاتمٍ الرَّازِي: وَالعَجَبُ مِن إِتْقَانِهِ وَسَلاَمَتِهِ مِنَ الْغَلَطِ مَعَ مَا رُزِقَ مِنَ الحِفْظ؛ فَقُلْتُ: إِنَّهُ أَمْلَى التَّفْسِيرَ عَنْ ظَهرِ قَلْبِهِ؛ قَال: وَهَذَا أَعْجَب؛ فَإِنَّ ضَبْطَ الأَحَادِيثِ المُسْنَدَةِ أَسْهَلُ وَأَهْوَنُ مِنْ ضَبْطِ أَسَانيْدِ التَّفْسِيرِ وَأَلْفَاظِهَا» 0
ـ كَلاَمُهُ هُوَ عَنْ مَدَى حِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ محَمَّدُ بْنُ يحْيىَ بْنِ خَالِد: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ يَقُول:
«أَحْفَظُ أَرْبَعَةَ آلاَفِ حَدِيثٍ مُزَوَّرَة» 0
قَالَ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَم: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ:
«مَا كُنْتُ أَسْمَعُ شَيْئَاً إِلاََّ حَفِظْتُهُ، وَكَأَنيِّ أَنْظُرُ إِلىَ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ في كُتُبي» 0
قَالَ أَبُو دَاوُدَ الخَفَّاف: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْه؛ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ يَقُول:
«لَكَأَنيِّ أَنْظُرُ إِلىَ مِاْئَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ في كُتُبي، وَثَلاَثِينَ أَلْفَاً أَسْرُدُهَا» 0
وَعَن إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«مَا سَمِعْتُ شَيْئَاً إِلاََّ وَحَفِظْتُه، وَلاَ حَفِظْتُ شَيْئَاً قَطُّ فَنَسِيتُه» 0
قَالَ أَبُو يَزِيدَ محَمَّدُ بْنُ يحْيىَ بْنِ خَالِد: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْه؛ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ يَقُول:
«أَحْفَظُ سَبْعِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ عَنْ ظَهْرِ قَلْبي» 0
ـ قَالُواْ عَن عِلْمِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيّ: سَمِعْتُ يحْيىَ بْنَ يحْيىَ التَّمِيمِيَّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ يَقُول:
«إِسْحَاقُ أَكْثَرُ عِلْمَاً مِنيِّ» 0
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ كَامِل: أَخْبَرَنَا أَبُو يحْيىَ الشَّعْرَانيُّ قَال: «كُنْتُ إِذَا ذَاكَرْتُ إِسْحَاقَ الْعِلْمَ وَجَدْتُهُ فِيهِ بحْرَاً فَرْدَاً، فَإِذَا جِئْتُ إِلىَ أَمْرِ الدُّنْيَا، رَأَيْتُهُ لاَ رَأْيَ لَه» 0
ـ قَالُواْ عَن عِلْمِهِ بِالتَّفْسِيرِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه:
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ كَامِل: أَخْبَرَنَا أَبُو يحْيىَ الشَّعْرَانيُّ قَال:
«مَا رَأَيْتُ بِيَدِهِ كِتَابَاً قَطّ، وَمَا كَانَ يحَدِّثُ إِلاََّ حِفْظَاً» 0
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
«قَدْ كَانَ مَعَ حِفْظهِ إِمَامَاً في التَّفْسِير، رَأْسَاً في الْفِقْه، مِن أَئِمَّةِ الاِجْتِهَاد» 0
قَالَ الحَاكِم: سَمِعْتُ يحْيىَ بْنَ محَمَّدٍ الْعَنْبَرِيَّ قَال: سَمِعْتُ محَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ بَالُوَيْه، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ يَقُول: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ طَاهِر، فَإِذَا عِنْدَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبي صَالِحٍ، فَقَالَ لَهُ: يَا إِبْرَاهِيم؛ مَا تَقُولُ في غَسِيلِ الثِّيَاب 00؟
قَال: فَرِيضَة؛ قَال: مِن أَيْنَ تَقُول 00؟
قَال: مِنْ قَوْلِهِ تَعَالى: {وِثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} {المُدَّثِر/4}
فَكَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ طَاهِرٍ اسْتَحْسَنَهُ؛ فَقُلْتُ: أَعَزَّ اللهُ الأَمِير؛ كَذِبٌ هَذَا؛ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ قَال: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَن عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَال: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}
قَال: «قَلْبَكَ فَنَقِّهِ» 0
وَأَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعَ قَال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَال: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}
قَال: «عَمَلَكَ فَأَصْلِحْه» 0