من مدرب أسطوري قاد الآرسنال إلى ألقاب تاريخية، إلى أحد أكثر المدربين إثارة للجدل في تاريخ النادي العريق .. كيف حدث هذا التحول الدرامي في مسيرة فينغر مع المدفعجية؟
منذ أن تولى "الأستاذ الفرنسي" آرسين فينغر تدريب الآرسنال قبل أكثر من 20 عاماً وتحديداً في أغسطس عام 1996، لم يمر الرجل بلحظات حرجة وصعبة مثل تلك التي يعيشها الآن سواء داخل أروقة ناديه القريب جداً إلى قلبه أو حتى خارجه على صعيد الجماهير الغاضبة من التراجع المستمر في مستوى ونتائج الفريق.
كما أصبح الرجل هو المادة الأساسية واليومية في فقرات وسائل الإعلام الرياضية، فتارة تهاجمه بقسوة وعنف ومرة أخرى تسرب أنباءً وأخبارً من داخل أروقة النادي اللندني تحدثنا عن قرب رحيله أو تكشف قائمة بالمدربين المرشحين لخلافته.
فينغر الذي كان قبل سنوات قليلة هو أكثر المدربين في العالم استقراراً وإحساساً بالأمان على وظيفته من مخاطر الإقالة نظراً لنجاحه الكبير على المستويين الفني والاقتصادي، أصبح الآن هو أكثر المدربين إثارة للجدل بسبب قراراته الفنية المرتبكة والتي أصبحت تؤثر بشكل كبير على نتائج الفريق، أو استراتيجيته الخاطئة في سوق الانتقالات والتي كلفته التعاقد مع العديد من اللاعبين دون المستوى والتفريط في ضم عدد كبير من الأسماء البارزة والتي كان من الممكن أن تقدم الكثير لكتيبة المدفعجية خاصة في ظل تراجع مستوى العديد من نجومه الكبار وفي مقدمتهم الألماني مسعود أوزيل أغلى صفقة في تاريخ النادي والذي انتقل لصفوف آرسنال من ريال مدريد ب50 مليون يورو.
تراجع مستمر
سنوات طويلة عاشها المدرب الفرنسي داخل أروقة النادي اللندني كانت بدايتها تاريخية عندما قاد الفريق للتتويج بلقب الدوري الإنكليزي ثلاث مرات أعوام ( 1997 – 1998 / 2001-2002 / 2003-2004) وكان اللقب الأخير إعجازياً بمعنى الكلمة إذ توج الآرسنال بالبطولة بدون هزيمة بعد أن حقق 26 انتصاراً و12 تعادلاً.
ألقاب فينغر ونجاحه الاقتصادي الكبير والذي مكنه من تحويل آرسنال إلى أحد أغنى أندية العالم تحول عليه وعلى جماهير فريقه من نعمة إلى نقمة، فالرجل أصبح ضامناً لوجوده المستمر على رأس الإدارة الفنية للفريق، يحظى بدعم هائل من مجلس إدارته، ويمكن القول إنه المدرب الوحيد في العالم حالياً الذي يستهل موسمه وهو لا يشعر على الإطلاق بأي مخاوف من الإقالة مهما تراجع مستوى الفريق.
حالة من الترهل أصابت الآرسنال تحت إدارة فينغر، فأصبح الفريق قمة طموحاته أن ينافس على التأهل فقط إلى دوري أبطال أوروبا، أما في البطولة الأوروبية الأم فحدث ولا حرج فالفريق خرج من الدور ثمن النهائي في الأعوام الستة الأخيرة ويتجه لوداع البطولة من الدور ذاته في النسخة الحالية عقب سقوطه المذل أمام بايرن ميونيخ في ألمانيا (5-1).
التخبط في سوق الانتقالات
لعل أكثر ما أصاب جماهير الآرسنال بالإحباط في السنوات الأخيرة هي قرارات فينغر المتخبطة بشدة في فترات الانتقالات التي أضاعها الرجل دون القدرة على بناء فريق متكامل وقوي، فالرجل الذي صنع فريق الأحلام من قبل وجلب لاعبين رائعين مثل تيري هينري ودنيس بريكامب وباتريك فييرا ومارك أوفرمارس ونوانكو كانو، هو نفسه الذي تعاقد مع صفقات لم تضف للفريق أي جديد مثل المغربي مروان شماخ والإيفواري جيرفينيو والمدافع السويسري فيليب ساندروس أو الكوري بارك سو يونغ، أو حتى أكثر الصفقات غرابة وكانت التعاقد مع السويدي العجوز كيم كاليستروم مطلع عام 2014 على سبيل الإعارة ولكن اللاعب اتضح أنه قدم للفريق مصاباً وغادر بعد أن شارك في 3 مباريات فقط.
قائمة طويلة من الصفقات الغير مؤثرة اختتمها الأستاذ الفرنسي بالتعاقد مع الإسباني لوكاس بيريز من صفوف ديبورتيفو لاكورونيا الذي فشل تماماً في فرض نفسه إذ شارك في 11 مباراة سجل خلالها هدف وحيد، في الوقت الذي فشل فيه فينغر في التعاقد مع الألماني البارز جوليان دريكسلر الذي ظفر به العملاق الفرنسي باريس سان جيرمان ومثل إضافة كبيرة للفريق ظهرت ملامحها أمام برشلونة في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.
الرحيل الحتمي
يوماً بعد الآخر يصل الجميع إلى قناعة واحدة وهي أن رحيل السيد فينغر عن تدريب الفريق اللندني بات حتمياً فالرجل أصبح يمثل أزمة حقيقة بعد أن تسبب الجدل حول استمراره من عدمه في إشعال فتنة بين جماهير الفريق ظهرت آثارها بشدة عندما وقعت مناوشات ومشاحنات بين جماهير المدفعجية في ميونيخ قبيل لقاء بايرن وآرسنال منذ أسبوعين، كما أن هناك عدد كبير من الجماهير ينوي تنظيم مسيرة احتجاجية من الهيابري مقر الفريق القديم إلى ملعب الإمارات للمطالبة برحيل فينغر قبل مباراة العودة أمام البايرن.
على الصعيد الداخلي بدا الرجل وكأنه فقد السيطرة على غرفة الملابس بعد الأنباء التي تسربت مؤكدة وقوع مشاحنات بين نجم الفريق وأفضل لاعبيه حالياً أليكسيس سانشيز وباقي اللاعبين الكبار والتي على آثارها اضطر فينغر لعدم البدء به أمام ليفربول.
أما بشأن النتائج فحتى المركز الرابع بدا بعيد المنال عن الآرسنال بعد أن أنهى الأسبوع 27 في المركز الخامس برصيد 50 نقطة بفارق 13 نقطة كاملة عن تشيلسي المتصدر، وكان الفريق في المركز الثالث مع نهاية الأسبوع 27 من نسخة الموسم الماضي برصيد 51 نقطة، كما كان في المركز الثالث أيضاً مع نهاية الأسبوع ذاته من موسم 2014-2015 وهو ما يوضح مدى التراجع الذي تعاني منه كتيبة المدفعجية حالياً.
"لو كان مدرباً لدورتموند أو تشيلسي أو مانشستر يونايتد لكان أقيل منذ سنوات طويلة" هذا ما صرح به أحد الإعلاميين الإنكليز عقب السقوط المهين أمام بايرن، وأغلب الظن أن إدارة الآرسنال توصلت إلى هذه الحقيقة بالفعل، وأن الرجل وإن كان لا يعيش أيامه الأخيرة مع فريقه المفضل فهو بالتأكيد يعيش أشهره الأخيرة، وأن إدارة الفريق بحسب العديد من تقارير الصحف الإنكليزية بدأت بالفعل اتصالاتها مع عدد من المدربين في مقدمتهم الإيطالي ماسيميليانو إليغري لتولي تدريب فريق شمال لندن في الموسم القادم.
ولكن هل يفعلها فينغر ويكفي الجميع عناء الترقب والانتظار والتوقع ويعلن من نفسه الرحيل حتى ولو نهاية الموسم؟ .. هذا ما سنعرفه في الأيام القادمة خاصة إذا ما تبخرت أحلام الرجل في اللحاق بركب التأهل لدوري أبطال أوروبا.