امرأة تلد الأرانب.."ماري" الخادمة الفقيرة التي خدعت إنجلترا بأكملها
في سبتمبر من العام 1726، وصلت الأخبار إلى محكمة الملك "جورج الأول"، عن حالة ولادة غامضة ونادرة بطلتها خادمة فقيرة تعيش في قرية "جودالمينج"، بالقرب من مقاطعة جيلدفورد في ساري، تبلغ من العمر 25 عاماً، ومتزوجة من بائع ملابس ولديها 3 أطفال، وسبق لها إجهاض حملها الرابع في الشهر السابق، وبعدما عانت من آلام المخاض، وضعت شيئًا شبيهًا بـ"قطة بلا قلب"، في حضور عدد من نساء القرية.
الأخبار تضمنت شهادة طبيب الولادة للمقاطعة "جون هوارد"، الذي تم استدعاؤه لفحص "ماري"، وفوجئ خلال حضوره بوضع السيدة لـ(رأس أرنب، وأرجل قطة، و9 أرانب ميتة) في يوم واحد؛ وبمراسلته مجموعة من أعظم الأطباء والعلماء، وسكرتير الملك في إنجلترا، لإطلاعهم على "الولادة المعجزة"، أرسل الملك فريقًا للتحقيق في القضية لتبدأ الملحمة التي أعادت مجلة روتانا سرد تفاصيلها.
المملكة تبحث وراء "ماري توفت"
أرسل الملك رجلين من البلاط الملكي للتحقيق في تلك الأخبار الغريبة، هما "ناثانييل سانت أندريه" الجراح السويسري الخاص بالبلاط، وطبيب التشريح "صموئيل مولينو" سكرتير أمير ويلز، وفي تلك الأوقات كانت "ماري" الفقيرة تحولت إلى إحدى المشاهير في المملكة، وتم نقلها من قرية" جودالمينج" إلى مقاطعة "جيلدفورد" لمراقبتها عن قرب.
في 15 نوفمبر عام 1726، وصل رجلا الملك "أندريه ومولينو" وبمساعدة طبيب الولادة "هوارد"، أجرى الأطباء فحوصات على الرئتين والأعضاء الداخلية الأخرى للأرانب الصغيرة، وأظهرت النتائج بأنهم على الأرجح لم يتطوروا داخل رحم "ماري"، ومع ذلك، بدا أن "أندريه" على قناعة بأن هذه الولادة حادث خارق للطبيعة وقبل عودته إلى لندن قام بأخذ عينات الأرانب ليراها الملك وأمير ويلز.
"ماري" تلد 15 أرنباً
بعد وقت قصير، انتشرت الأخبار بأن "ماري" وضعت 15 أرنبًا ميتًا، ومع انتشار القصة بشكل واسع، قرر الملك إرسال الجراح الألماني "سيرياكوس آهليرز" إلى "جيلدفورد" للتحقيق في الأمر.
فحص "أهليرز" الشابة وشهد العديد على ولادتها للأرانب، ومع ذلك لم يكن مقتنعًا، وعاد إلى لندن بعد ذلك ومعه عينات أخرى من أرانب "ماري" الميتة، وبعد فحصها جاءت النتائج صادمة، حيث أبلغ الطبيب "أهليرز" الملك، بأنه عثر في مستقيم أحد الأرانب على (الذرة والتبن والقش)، مما يثبت بأن هذه المخلوقات لم تتطور داخل رحم "ماري".
وخرج تقرير"أهليرز" في 21 نوفمبر، بأن هناك خدعة ما في هذا الأمر.
الطبيب "أندريه" وقصة "ماري" الغريبة
كان كل من الأطباء "أندريه" و"هوارد" مقتنعان بقصة "ماري" وخلال متابعتهما للقضية، طلبا المساعدة من "ريتشارد مانينغهام" وكان طبيب شهير في لندن، وبعد مراقبتها ورؤيتها تلد، بدا أيضاً غير مقتنع؛ ولكن "أندريه" تم إقناعه بإبقاء شكواه لنفسه حتى لا يتم اتهامهم بالتزوير والترويج لشيء كاذب.
كان تفسير "ماري" لولاداتها الغريبة، بأنها في شهر أبريل، كانت تعمل في حقل وهي حامل، وحين شاهدت الأرانب اشتهت أكل لحم الأرانب بشكل كبير، فركضت في محاولة للإمساك بأحدهم ولكنها لم تستطيع، وفي نفس الليلة حلمت بأنها تأكل لحم الأرانب، وحينما استيقظت شعرت بألم غريب استمر حتى الصباح، وأشارت إلى أنها ظلت قرابة الـ3 أشهر تشتهي لحم الأرانب بشدة ولكن كونها فقيرة لم تستطع شراؤه.
"ماري" تحدث مشكلة طبية
بعد رواية "ماري" بدأ النقاش الطبي في ديسمبر 1726، عما يعرف بـ"الانطباع الأمومي"، وهو ظاهرة أوضحت وجود عيوب خلقية واضطرابات في الأجنة، نتيجة التحفيز العاطفي الذي تعاني منه المرأة الحامل (مثل حلم ماري ورغبتها في لحم الأرانب) والذي يؤثر بشكل ما على الجنين.
أيضا كان الحديث يدور حول المشاكل العقلية مثل الاكتئاب أو الفصام، وهي ظواهر قد يعاني منها الطفل إذا كانت تعاني منها أمه وقت الحمل، فالمرأة التي عانت من حزن كبير أثناء الحمل قد تطبع الميول الاكتئابية على الجنين الذي كانت تحمله.
بعد 5 أشهر من تلك المناقشات الطبية، وبعد كشف خدعة "ماري"، نشر "جيمس بلوندل" كتابه "قوة الخيال في النساء الحوامل" الذي طعن خلاله في الاعتقاد في التأثير السابق للمرأة الحامل على الجنين، وهو جدال طبي استمر حتى القرن التالي، ولكن كيف خدعت "ماري" الجميع؟
"الشابة الفقيرة" التي خدعت إنجلترا بأكملها
بين 30 نوفمبر و3 ديسمبر، تم تقسيم المراقبة بين الأطباء الذين تجمعوا هناك، لم تضع في ذلك الوقت "ماري" المزيد من الأرانب الجديدة؛ لكنها استمرت في التظاهر بالمعاناة من آلام الولادة، وكانت تصاب بنوبات قاسية تجعلها تفقد وعيها.
بعد ذلك بوقت قصير، تم القبض على أحد العاملين الذي حاول التسلل إلى غرفة "ماري" مع "أرنب صغير"، واعترف الرجل إلى الطبيب "جيمس دوغلاس"، بأن زوجة شقيق "ماري"، طلبت منه شراء أصغر أرنب يمكنه العثور عليه.
كان الطبيب مصمم على الحصول على اعتراف بالذنب من "ماري"؛ لكنها قررت ألا تعترف، فقام "دوغلاس" بالاتصال بالسير "توماس كلاركيز" القاضي، ليقوم باستجوابها في نفس الليلة، وظلت "ماري" تراوغ الجميع على مدار يومين كاملين.
بعد فشل القاضي، قام الطبيب "ريتشارد ماننغهام" بتهديد "ماري" بإجراء جراحة تجريبية مؤلمة عليها لمعرفة ما إذا كانت قد تختلف عن النساء الأخريات، فأصيبت بالرعب وأُجبرت على الاعتراف في السابع من ديسمبر عام 1726، بأنها أدخلت الأرانب الميتة يدوياً في مهبلها ثم سمحت بإخراجها كما لو كانت تلد.
وفي 9 ديسمبر، اتهمت "ماري توفت" بـ"الغش والتزوير"، وألقيت في سجن "بريدويل"، بعد أن أضرت بمهنة الطب وبكافة الأطباء الذين شاركوا في فحصها أو ارتبطت أسماؤهم بقضيتها، ولكن مع حلول العام التالي، كانت قد تلاشت القضية، وخرجت "ماري" من السجن من أجل عدم الاستمرار في التحقيقات، وإحياء القصة وتوفيت المرأة في يناير عام 1763.
منــقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول
2019/07/22, 11:18 PM
امرأة تلد ارانب صدق او لا تصدق
المواضيع المتشابهه
