[الشيخ محمد رشاد]

ما الذى يميز بطل الفيلم عن باقى الممثلين؟ إنه ذلك الرجل الذى نرى كل شىء من وجهة نظره.. فهو إن تشاجر فالحق دائما معه وإن كان مخطئا، وإن تشاجر أحد معه فالحق دائما عليه وإن كان محقا. وإن سرق فالمسروق كان يستحق السرقة لأنه شرير أو لأنه ثرى بينما بطلنا فقير، وإن سُرق فالسارق مجرم لا يراعى ظروف الآخرين. وإن قتل فالمقتول كان يستحق القتل لأنه وقف فى طريق البطل، لكن إن حاول أحد قتله فهو مجرم ولا شك. أصدقاء البطل على جانب الخير وأعداؤه على جانب الشر.. إن أراحته زوجته فهى زوجة طيبة تستحق التقدير، وإن ضايقته -حتى إن كان هو السبب- فهى لا تُقدر الظروف. بطل الفيلم هو الذى إن دخل السجن ننتظر خروجه بفارغ الصبر حتى إن كان سيسبب وبالا على المجتمع، وإن حُكم عليه بالإعدام نترقب كيف ستظهر براءته فى آخر لحظة أو كيف سيفر من حبل المشنقة، لا نريد له أبدا أن يُعدم أو يُصاب بمكروه.. وإلا إنتهى الفيلم. لأنه البطل. لأن الفيلم صُنع خصيصا لسرد قصته. لأنه هو الذى يراه المشاهدون طوال الوقت فيفرحون لفرحه حتى إن كان على حساب آلام الآخرين الذين يتألمون خلف العدسة بعيدا عن أعين ومشاعر المشاهد، ويحزنون لحزنه حتى إن كان يستحقه، فنحن ننسى سريعا أنه يستحقه ونتمنى لو غُفر له ما اقترفه فى لحظة غضب أو مرحلة طيش وإن طالت.

بطل الفيلم هو الذى يُصنف كل شىء حسب علاقته به.. فالممثل الذى يقوم بدور أبيه يكون "الأب"، والذى يقوم بدور أخيه الكبير يكون "الأخ الكبير"، والذى يقوم بدور سائقه يكون "السائق"، ولا نعتبر أبدا أن بطل الفيلم هو الذى يقوم بدور "الإبن" أو "الأخ الصغير" أو "السيد".. لا، إنه البطل، والكون كله يدور حول محوره حسبا لصلته معه. من يمثل دور "الغنى" فى الفيلم يكون غنيا لأن ثراؤه زاد عن ثراء البطل، والقائم بدور "الفقير" ليس فقيرا إلا لأن أمواله أقل من أموال البطل. جيرانه الساكنين فوقه يقال أنهم ساكنون "فوق"، والأدوار الكائنة تحته تصنف على أنها "تحت". المدن المجاورة لمكان تواجده هى "مدن قريبة"، أما البعيدة عنه فهى "آخر الدنيا". إن بطلنا هو المقياس الذى نقيس به كل شىء.

ما تكلمنا عنه توا يا عزيزى القارىء ليس بطل الفيلم فقط، بل هو أنت. أنت بطل فلم حياتك. أنت ترى كل شىء من وجهة نظرك، وتزن الأمور على ميزانك. خبر وفاة شخص تحبه هو "خبر سىء"، أما خبر وفاة شخص تكرهه أو شخص آذاك فهو "خبر جيد". إنتصار دولة تحبها فى حرب أو حتى فريق كرة تشجعه فى مباراة هو "إنتصار" لأنك تراه إنتصارا، والعكس صحيح فى حالة الهزيمة. أنت لا تنظر للأمور أبدا من الناحية النسبية ولا تعتبر أن أى الموضوع له وجهتى نظر.. أنت لا تتألم لمواطنى الدولة المهزومة ولا لمشجعى الفريق الخاسر، لأنك بطل الفيلم. فالباقون مجرد كُمبرس موجودون لمساعدتك على تأدية دورك أو لخلق بعض التحديات لك كى تكون مشاهدك أكثر إثارة وتشويق. إنهم ليسوا بشرا مثلك.

لكن الذى يفاجئك كلما حاولت تخيله هو أنك لست البطل الوحيد، وأنك تقوم بدور الكومبارس لدى المئات بل الآلاف من الأبطال الآخرين. وأنك قد تكون "الصديق" فى فيلم أحدهم، و"العدو" فى فيلم آخر، و"الأب" فى فيلم ثالث و"الإبن" فى فيلم رابع.. وجميع تلك الأفلام تُعرض فى نفس الوقت فى صالات عرض هؤلاء الأبطال.

ستقول لى أنى أسىء الظن بك وأنك لست أنانيا.. ستقول لى أنك تصدقت على فقير بالأمس وساعدت صديق يمر بأزمة أول أمس. لكنى سأرد وأقول أنك قمت بهذا فقط من وجهة نظر بطل الفلم. فالبطل لم يكن يتحمل تأنيب ضميره عندما رأى ذلك الفقير، ولم يكن يريد أن يوصف بالنذالة عندما هرع إليه صديقه يستجير به.. أو ربما كان يرد لصديقه جميل أداه إليه سابقا أو ينتظر رد الجميل لاحقا. لقد قمت بهذا من أجل البطل وليس من أجل الكمبرس. لا أحد يهتم بالكومبارس إلا فى حدود أدوارهم بالنسبة للبطل.. إنهم مخلوقون لخدمته، ولخدمته فقط.

نستطيع أن نقول بثقة أن جميع مشاكل العالم صغيرها وكبيرها ناجمة عن أبطال الأفلام هؤلاء. ولا يكون الأبطال على المستوى الفردى فقط.. فعندما تؤذى جماعة جماعة أخرى أو عندما تحتل دولة دولة أخرى فهى تعمل وفقا لمبدأ بطل الفيلم.. فالعالم كله مسخر لأجلها، أما الباقين فمجرد هوام أو ذباب لا قيمة لهم ولا مشاعر. بل إن الأرض تمقتهم والسماء تلعنهم.. ولم لا وهم أعداء البطل؟

إن رُقى المخلوق -أى مخلوق- يأتى عندما يبدأ بالتخلص من عقدة البطل تلك وينظر للأمور من وجهة نظر أخرى بعيدة عن جسده الشخصى، كالنملة مثلا.. فالنملة لا تنظر للحياة من وجهة نظرها كبطلة للفيلم، بل تعتبر المستعمرة بأسرها بطلة الفيلم وأن العالم مخلوق من أجلها، ولهذا تعمل المستعمرة كجسد واحد أنانى لا كأفراد أنانيون. وبالنسبة للدول المتقدمة يكون الشىء ذاته.. فكلما زاد تحضر ورقى الأمة كلما إستوعب أفرادها كيانا أكبر كجزء من فيلمهم الخاص.. فبينما نجد المواطن الأمريكى يهتم بالخمسين ولاية الأمريكية على أنها جميعا بطلة الفبلم، والأوربى يهتم بجميع دول الإتحاد على أنها بطلة الفيلم، نجد أننا كعرب ومسلمون مهتمون بأنفسنا أو بعائلتنا وأصدقائنا على أقصى تقدير -ولا أقول حتى بدولنا الصغيرة- وما سوى ذلك ليس لهم وجوه وكأنهم كومبارس لا قيمة لهم. وهذا من أهم أسباب تقدم وتفوق الغرب علينا.. فهم يحاربوننا جميعا ونحاربهم أشتاتا. نحن كالعضو الذى يتصدى لجسد، أو كالجسد الذى يتصدى لقبيلة، أو كالقبيلة التى تتصدى لدولة، أو كالدولة التى تتصدى لقارة. دائما الأكبر يكون أرقى وأقوى من الأصغر لأنه إستوعب مزيدا من الأبطال فى فيلمه، بينما الأصغر يكون مخلوقا بدائيا ضيق الأفق لا يتسع صدره إلا لعدد محدود من الأبطال فى محيطه القريب فيسهل تحطيمه.

لعله مع تقدم البشرية سيأتى يوم يتحول فيه جميع الناس لخلايا جسد واحد يكون هو بطل الفيلم -بلا كومبارس- بدلا من الوضع الحالى الذى تفكر فيه كل خلية أو مجموعة خلايا فى نفسها على أنها البطلة على حساب الآخرين.. وقتها سيتألم الفرد بتألم فرد آخر لا علاقة له به كما تتألم القدم بتألم اليد. لكن حتى ذلك الحين أعذرونى فى ترككم لحين وقت المقالة التالية، فبطل فيلمى بحاجة لبعض الراحة!

[waheed]

يا غالىلا تقل فلم ولكن قل فيلم ===لاتقل كمبرس ولكن قل كومبارس
اولا يا ابو محمود موضوعك اشتمل على مراحل حياة الانسان سوى الحقيقية او الخيالية
وانت نسقتها بشكل احسدك علية واذا كنت تضع الفرق بين العرب والاوروبى والامريكى فا انت معك حق وشوف يا اخ محمود من قديم الزمن وكانوا العرب يلهثون وراء مصر وكانت مصر تمد لهم يد المساعدة من خبرات ونعم ولما تم اكتشاف البترول واحنا دخلنا فى حروب فتكبروا علينا وقالوا هو فى حاجة اسمها مصر -ولكن ان شاء الله ستدور الايام ومصر هى مصر

[الشيخ محمد رشاد]

تم التعديل يا غالي لك كل الشكر فالمسلم مر أ ة أ خيه(((مفادهُ أنا نرى أنفسنا قبل الجميع ربما هي تلك طبيعة الامور لدى الكثيرين ولكنها لا تشمل التعميم

يوجد الكثير من يقدم الاخرين على حياته وللاسف أخر ما يكون بطل فلم ناجح رغم فشله

إلا أن سعادة الآخرين بأن تعي قدر المسؤوليات التي تريدها أنت وبقدر على تقديمها

تلك أيضا تستوجب التفكير ولا يسعنا إلا أن نحسن الظن في أنفسنا ونحسن الظن في الاخرين

فالوسطية منهاجية نبوية تربوية))))))))))))))