الشباب معذور إذا كان قد رفع صوراً لعبدالناصر فى ميدان التحرير، بعد ٢٥ يناير، وكأنه يريد عودة المصادرات، والتأميمات، والحراسات، والمطاردات للقطاع الخاص إجمالاً!
الشباب معذور لأنه كان ولايزال طوال سنوات من تشجيع الدولة للقطاع الخاص يبحث عن الوجه الاجتماعى الدافئ للرأسمالية المصرية المعاصرة، فلا يكاد يعثر له على أثر، ليس لأنه وجه غير موجود، ولكن لأن الإعلام، وخصوصاً الحكومى منه، كان يركز طوال الوقت فى سلبيات القطاع الخاص، ولا يتوقف، ولو للحظة، أمام إيجابية واحدة من إيجابياته!
معذور الشباب لأنه كان ولايزال يريد أن يرى الوجه الآخر للقطاع الخاص، الذى يرتبط بالعمل والبناء، والعرق، والكدح، فلا يقع على شىء من هذا كله!
معذور الشباب لأنه، طول الوقت، كان يسمع عن فلان الذى حصل على ٤٠ مليون متر فى القاهرة الجديدة، وأقام عليها مدينة كاملة، وكان الشباب يحسبها بالورقة والقلم، ويكتشف أن «فلان» هذا، إذا كسب جنيهاً واحداً فى كل متر، فإن مجموع أرباحه ٤٠ مليون جنيه، وإذا كسب عشرة جنيهات فى المتر، بلغت أرباحه ٤٠٠ مليون دفعة واحدة.. وهكذا.. وهكذا.. مع مضاعفة الرقم، فى كل مرة يصعد فيها ربح الرجل فى كل متر!احنا فين من دة كلة ,
معذور الشباب لأنه سمع ذات يوم عن رجل كسب مليار جنيه فى صفقة واحدة، ولم يفهم الشباب وقتها، ولا الآن، كيف يمكن لشخص، أى شخص، أن يربح هذا الرقم الرهيب فى لحظة! ممكن دة يحصل ليا وابقي البية المليونير
معذور الشباب حين يرفع صور عبدالناصر وحين يثور ويغضب، لا لأننا نقر العودة إلى ذلك الزمان من الستينيات، وإنما لأن الوجه الاجتماعى العادل للقطاع الخاص، فى المجتمع، كان يجب أن يكون حاضراً بين أبناء هذا المجتمع، وأن يكون فاعلاً، وأن يكون مؤثراً وواصلاً، ولكن هذا الوجه كان نادراً فى حضوره، فى الإعلام، وكان رغم محدوديته، غائباً أو مغيباً بمعنى أدق، عن الصورة، بحيث كان الحديث، دائماً، عن الذى سرق والذى نهب والذى حصل دون وجه حق، ولم يكن هناك كلام عن الذى حصل بوجه حق، ولا عن الذى بنى، ولا عن الذى حصل على أرض بغرض الزراعة فزرعها، أو الذى حصل على أرض بغرض البناء، فبناها!
معذور الشباب، لأنه كان يرى الوجه القبيح - فقط - للقطاع الخاص، وكأنه كان هناك قصد من وراء التركيز على هذا الوجه دون سواه!
معذور الشباب، ومعذورون جميعاً، لأننا كنا دوماً نبحث عن رأسمالية «بيل جيتس» ذات الوجه الاجتماعى الإنسانى المضىء، فلا نكاد نجده، ومعذورون لأننا كنا نفتش عن رأسمالية «بافيت» الملياردير الأمريكى، ذات الوجه الصادق، فلا نصل إلى شىء!
معذور، ومعذورون، لأن عقول الناس تعرضت لأكبر عملية «تشويش وتضليل من شوية حراميـــــــــــــــــــة» فى تاريخها!