من أغرب القصص:
@@@@@@@@
كان لأعرابي ثلاثة أولاد كلهم يُسمى عبدُ الله، فلما حضرته الوفاة، نظر إلى أولاده و قال: "عبد الله يرث – عبد الله لا يرث – عبد الله يرث"، و فاضت روحه، فاختصموا عند قاضٍ القضاة في المدينة، فلما كانوا على مشارف المدينة إذا برجلٌ قد شرد بعيره، فسألهم: هل رأيتم بعيرا فارا على وجهه؟، قالوا: لا..، فقال عبد الله الأول: هل بعيرك أعور العين اليمنى؟، قال الرجل: نعم، و قال الثاني: هل بعيرك أعرج؟، قال الرجل: نعم، و قال الثالث: و هل بعيرك مقطوع الذيل؟، قال الرجل و قد استبشر: نعم، قالوا: لا والله ما رأيناه !، فقال الرجل: بل رأيتموه و أخذتموه، و أنا حجيجكم عند القاضي، قالوا: قد جئنا إليه.
رفع صاحب البعير شَكاته، فواجههم القاضي قائلا: إن ما ذكرتم من أوصاف البعير يدل على أنكم رأيتموه.. فهلا اعترفتم؟؟
قالوا: والله يا سيدي ما رأيناه ولكننا رأينا أثاره، قال القاضي: كيف؟، قالوا سألناه عما إذا كان أعور العين اليمنى لأنا وجدنا العشب على الجانب الأيمن كما هو بينما كان يأكل من الجانب الأيسر من حيث يبصر، و سألناه عما إذا كان أعرجا لأن أثر خُفِّه في جهة أعمق منه في الجهة الأخرى، و سألناه عما إذا كان مقطوع الذيل، لأننا وجدنا بعرهُ مجتمعا في المكان الذي نزل فيه، و إنما عادة البعير أن يحرك ذيله لينثر بعره.
نظر القاضي إلى الرجل وقال: اذهب يا رجل فو الله ما هم بأصحابه.
فانصرف الرجل، و قص الأخوة قصتهم على القاضي فتعجب منها أشد العجب .. وقال أنتم ضيوفي الليلة و غدا نفصل في القضية ريثما أفكر فيها.
توجه الثلاثة إلى دار القاضي، فلما كانوا في محل الضيافة أحسوا أن أحدا ما يراقبهم.
و بعد قليل وصل طعام العشاء وكان خبزا و لحما، فلما نظروا إلى الطعام قال الأول: إن هذا لحم كلب فلا تأكلوا، وقال الثاني: والتي خبزت هذا الخبز حامل في شهرها التاسع!
وقال الثالث : وهذا القاضي ابن حرام !!!!
فلما بلغت مقالتهم القاضي، وغدوا عليه سألهم: من قال منكم أن اللحم لحم كلب؟ فقال الأول: أنا، قال و كيف؟، قال: إن اللحم الحلال يبدأ بالعظم، ثم اللحم، ثم الشحم، فلما رأيته يبدأ بالعظم، ثم الشحم، ثم اللحم، علمت أنه لحم كلب. سأل القاضي الطباخ هل كان الأمر كذلك؟ فقال الطباخ: نعم، قال: كيف؟، قال: قد تأخرت الغنم و تعجلتني فما وجدت إلا كلب الغنم فذبحته.
ثم قال: و من منكم الذي قال أن الخبز قد خبزته حامل في شهرها التاسع؟ فقال الثاني: أنا، قال: كيف؟، قال رأيت الأرغفة منتفخة من ناحية دون الأخرى، و لأن المرأة في شهرها التاسع تكون بطنُها أمامها، فإنها لم تستطع إدارته ليواجه النار من جهته الأخرى فينتفخ.
سأل القاضي عن صانعة الخبز فكانت كما قال.
ثم قال القاضي: و من منكم الذي قال أنني ابن حرام؟ فقال الثالث: أنا، قال: و كيف؟، قال: إن ضيوفا عند قاضٍ مسلم، يحتكمون إليه في قضية، يرسل إليهم عينا تتجسس عليهم، و لحم كلب يأكلوه، لا يمكن أبدا أن يكون ابن حلال.
دخل القاضي على أمه فقررها عن نفسها، فأقرت.
ثم جلس يتفكر في مسألة الثلاثة، و بعد ساعة خرج إليهم فقال: أما عبد الله الأول فيرث، و أما الثاني فيرث، و أما الثالث فلا يرث، فقال الثالث و لِمَ؟، قال القاضي : لأنه لا يعرف ابن الحرام إلا ابن حرام مثله !
رجع الثلاثة إلى ديارهم، فسأل الأول والثاني أمهما عن هذا الثالث، فقالت وجده أبوكما على باب المسجد و هو خارج فأحضره ليتربى معكما و سماه عبدَ الله.