سأبكي على ما فات مني صبابة = وأندب أيام السرور الذواهب
وأمنع عيني أن تلذ بغيركم = وإنِّي وإنْ جَانَبْتُ غَيْرُ مُجانِبِ
وقالوا لو تشاء سلوت عنها = فقلتُ لهمْ فانِّي لا أشَاءُ
وكيف وحبُّها عَلِقٌ بقلْبي = كما عَلِقَتْ بِأرْشِيَة ٍ دِلاءُ
ألاَ لا أرى وادي المياهِ يُثِيبُ = ولا النفْسُ عنْ وادي المياهِ تَطِيبُ
أحب هبوط الواديين وإنني = لمشتهر بالواديين غريب
لو سيل أهل الهوى من بعد موتهم = هل فرجت عنكم مذ متم الكرب
لقال صادِقُهُمْ أنْ قد بَلِي جَسَدي = لكن نار الهوى في القلب تلتهب
إليكَ عَنِّيَ إنِّي هائِمٌ وَصِبٌ = أمَا تَرَى الْجِسْمَ قد أودَى به الْعَطَبُ
لِلّه قلبِيَ ماذا قد أُتِيحَ له = حر الصبابة والأوجاع والوصب
هوى صاحبي ريح الشمال إذا جرت = وأهوى لنفسي أن تهب جنوب
فويلي على العذال ما يتركونني = بِغمِّي، أما في العَاذِلِين لبِيبُ
لَئن كَثُرَتْ رُقَّابُ لَيْلَى فَطالَمَا = لهوت بليلى ما لهن رقيب
وإن حال يأس دون ليلى فربما = أتى اليأس دون الشيء وهو حبيب
ذكرتك والحجيج لهم ضجيج = بمكة والقلوب لها وجيب
فَقُلْتُ وَنَحْنُ فِي بَلدٍ حَرامٍ = بِهِ واللّه أُخْلِصَتِ القلُوبُ
أحجاج بيت الله في أي هودج = وفي أيِّ خِدْرٍ مِنْ خُدُورِكُمُ قَلْبي
أأبْقى أسِيرَ الحُبِّ في أرضِ غُرْبة = ٍ وحادِيكُمُ يَحْدو بقلبي في الركْبِ
شُغِفَ الفؤادُ بِجارة ِ الْجَنْبِ = فَظَللْتُ ذا أسَفٍ وذا كَرْبٍ
يا جارتي أمسيت مالكة = روحي وغالبة على لبي
عقرت على قبر الملوح ناقتي = بِذي الرَّمْث لَمَّا أنْ جَفاهُ أقارِبُهْ
فَقُلْتُ لها كُونِي عَقيراً فإنَّني = غداة غد ماش وبالأمس راكبه
عفا الله عن ليلى وإن سفكت دمي = فإني وإن لم تجزني غير عائب
عليها ولا مُبْدٍ لِلَيْلَى شِكايَة = وقد يشتكي المشكى إلى كل صاحب
لَقد هَمَّ قيسٌ أنْ يَزجَّ بِنفْسِهِ = ويَرْمِي بها مِنْ ذُرْوَة ِ الجَبَلِ الصَّعْبِ
فلا غرو أن الحب للمرء قاتل = يقلِّبُهُ ما شاءَ جَنْبَاً إلى جَنْبِ
حبيبٌ نأى عنِّي الزَّمانُ بِقُرْبِهِ = فَصَيَّرنِي فَرْداً بغيْرِ حَبيبِ
فلي قلب محزون وعقل مدله = وَوَحْشَة ُ مَهجُورٍ وَذُلُّ غَريبِ
أيَا وَيْحَ مَنْ أمسَى يُخَلَّسُ عَقْلُهُ = فأصبح مذموماً به كل مذهب
خَلِيّاً مِنَ الْخُلاَّنَ إلاَّ مُعَذَّباً = يضاحكني من كان يهوى تجنبي
ألاَ يا نَسِيمَ الرِّيحِ حُكْمُكَ جائِرٌ = عليَّ إذا أرْضَيْتَني وَرَضِيتُ
ألاَ يا نَسيمَ الرِّيحِ لو أَنَّ واحِداً = من الناس يبليه الهوى لبليت
ومفرشة الخدين ورداُ مضرجا = إذا جَمَشَتْهُ الْعَيْنُ عاد بَنَفْسجَا
شَكَوْتُ إليها طُولَ لَيْلِي بِعِبْرة ٍ = فأبدت لنا بالغنج دراً مفلجا
رُعَاة َ اللَّيْلِ ما فعلَ الصَّباحُ = وما فَعَلَتْ أوَائِلُهُ الْمِلاَحُ
وما بالُ الَّذِينَ سَبَوْا فُؤادي = أقاموا أم أجد بهم رواح
خليلي هل قيظ بنعمان راجع = لياليه , أو أيامهن الصوالح
ألا لاَ وَلا أيَّامُنَا بِمُتَالِعٍ = رواجع ما أورى بزندي قادح
أمِنْ أجْلِ غرْبَانٍ تَصايَحْنَ غُدْوَة = ببينونة الأحباب دمعك سافح
نعم جادت العينان مني بعبرة = كما سل من نظم اللآلي تطارح
وأدنيتني حتى إذا ما فتنتني = بِقَوْلٍ يَحِلُّ الْعُصْمَ سَهْلَ الأَبَاطِحِ
تجافيت عني حتى لا لي حيلة = وغادرت ما غادرت بين الجوانح
ألا يا غراب البين هيجت لوعتي = فَويْحَكَ خَبِّرْنِي بِمَا أنْتَ تَصْرُخُ
أبِالْبَيْنِ مِنْ لَيْلَى ؛ فإنْ كُنْتَ صَادِقاً = فَلا زَالَ عَظْمٌ مِنْ جَنَاحِكَ يُفْسَخُ
ألا قاتل الله الهوى ما أشده = و أسرعه للمرء وهو جليد
دعاني الهوى من نحوها فأجبته = فأصْبَحَ بِي يَسْتَنُّ حيث يُرِيدُ
حب إلينا بك يا جراد = أرض وإن جاعت بك الأكباد
وَضَاقَتِ الأَصْدَارُ والأَوْرَادُ = وَلَمْ يَكُنْ قَبْلُ لَنا عَتَادُ
ذكرت عشية الصدفين ليلى = وكل الدهر ذكراها جديد
إذا حَالَ الْغُرَابُ الْجَوْنُ دُونِي = فمنقلبي إلى ليلى بعيد
أرقت وعادني هم جديد = فجسمي للهوى نضو بليد
أراعي الفرقدين مع الثريا = كذاك الحُبُّ أهْوَنُهُ شَدِيدُ
أيَا وَيْحَ مَنْ أمسَى يُخَلَّسُ عَقْلُهُ = فأصبح مذموماً به كل مذهب
خَلِيّاً مِنَ الْخُلاَّنَ إلاَّ مُعَذَّباً = يضاحكني من كان يهوى تجنبي
أيا ليلَ زَنْدُ الْبَيْن يقدَحُ في صَدْري = ونار الأسى ترمي فؤادي بالجمر
أبَى حَدَثانُ الدهر إلاَّ تشتُّتاً = وأيُّ هَوى ً يَبْقَى على حَدَثِ الدهرِ
ألا يا شفاء النفس لو يسعف النوى = ونجوى فؤادي لاتباح سرائره
أثيبي فتى حققت قول عدوه = عليه وقلت في الصديق معاذره
بِنَفْسِيَ مَنْ لاَ بدَّ لِي أنْ أُهَاجِرَهْ = وَمَنْ أنَا فِي المَيسُورِ وَالْعُسْرِ ذَاكرُهْ
ومن قد رماه الناس بي فاتقاهم = بهجري إلا ما تجن ضمائره