يعتبر فقر الدم الناجم عن نقص الحديد أكثر أمراض "سوء التغذية " شيوعاً في العالم, وتبرز أهمية هذا المرض كونه قضية صحة عامة تؤرق المجتمعات الفقيرة والغنية على حد سواء. ولعل أهم ما يميّز هذا المرض هو أثره السلبي على التطور النفسي والفسيولوجي من جهة , وعلى السلوك وأداء العمل أو الجهد اليومي من جهة أخرى.إنّ فقر الدم هو زائر متوقع لكل الفئات العمرية, لكنه أكثر شيوعاً عند الأطفال بين (6-24 شهراً) والنساء في سن الإنجاب(15-49عاماً), كما أنه يصيب كلا الجنسين في سن البلوغ, وخاصة الفتيات نظراً لحدوث الحيض (الدورة الشهرية).
التعريف:
في الحقيقة هناك تعريفات متعددة لهذا المرض, ولعل السبب يرجع إلى الاختلاف في اعتماد مستوى الهيموجلوبين لاعتبار الحالة فقر دم أم لا, ومن جهة أخرى لوقوع هذا المرض تحت ما يسمى ب" "Nutritional Anemia
ولعلّي هنا أجد نفسي معتمداً لذاك التعريف الشامل المتضمن لأكثر من نوع من أنواع فقر الدم ومن ضمنها" نقص الحديد"
وعليه فإنّ تعريفنا سيكون: يعرف فقر الدم الراجع لسوء التغذية بأنه "محتوى هيموجلبين الدم الأقل من المستويات العادية بسبب نقص واحد أو أكثر من العناصر الغذائية الجوهرية التالية ( الحديد, فيتامين ب 12, حمض الفوليك). وبما أن فقر الدم الناتج عن نقص الحديد هو الأكثر شيوعاً فسيكون محور حديثنا عنه بإذن الله تعالى.
أسباب فقر الدم النتاج عن نقص الحديد:
إذا علمنا أن الحديد الموجود في أجسادنا هو عبارة عن نوعين (الحديد الوظيفي والحديد المخزن), وبأنّ الحديد الوظيفي يوجد بشكل أكبر في هيموجلوبين الدم المتدفق في أنحاء الجسم, في حين أنّ الحديد المخزّن يتواجد في كلٍّ من الكبد والطحال والنخاع العظمي , ويكون على هيئة عنصرين هما ( ferritin and haemosiderin) فسيكون من السهل علينا تحديد الأسباب التي تؤدي إلى فقر الدم الناتج عن نقص الحديد.
لعلّ من المهم أيضاً أن نعلم بأنّ نقص الحديد بهيئته الوظيفية لا يمكن حدوثه إلاّ بعد نفاذ الحديد المخزون. وعليه فإنّ الحديد المخزون لا ينفذ أو يقل إلاّ بوجود عدم توازن بين امتصاص الحديد من جهة , واحتياجات الجسم لهذا الحديد من جهة أخرى.
عدم التوازن بين امتصاص الحديد و احتياج الجسم له قد ينشأ عن:
1. تناول الحديد بكميات قليلة
2. خلل في امتصاص واستغلال الحديد المتناول
3. زيادة الحاجة للحديد في فترة معينة
إنّ فهمنا العميق لهذه الأسباب سيسهل علينا لاحقاً تشخيص المرض, وطرق الوقاية من حدوثه , وعلاجه على حد سواء .
حقائق مهمة لفهم الأسباب وطريقة الحدوث:
· الحديد المتناول يجب أن يعوّض الجسم عن الحديد المفقود مع البراز والبول, أو حتى من خلال الجلد والحيض عند النساء
· في فترة الحمل, تحتاج المرأة لكميات إضافية من الحديد وذلك لسد حاجة الجنين, المشيمة, وحجم دم المرأة المتزايد.
· يزيد الطلب على الحديد في أثناء فترات النمو المتعاقبة, عند فقدان الدم(نزيف, حيض, نفاس), وحالات الطفيليات المزمنة (الدود).
· الأطفال بشكل عام يحتاجون للحديد بسبب الزيادة المطّردة لحجم الدم المستجيبة لنمو الجسم الطبيعي. ومع أنهم بحاجة لكميات أقل مما يحتاجها البالغون إلاّ أنه وبسبب تناولهم للطعام بشكل أقل من الكبار لذا فإنهم يكونون أكثر عرضة لحدوث فقر الدم لديهم.
· الحمل المتقارب والمتكرر, ووجود طفيليات في الجسم, وعوامل التغذية الخاطئة كلها تساهم في تفاقم الأزمة.
التداعيات والآثار الناجمة عن فقر الدم الناتج عن نقص الحديد:
نقص الحديد يتطور بشكل بطيء, ولذلك فأعراضه السريرية (الإكلينيكية) لا تظهر بوضوح إلاّ إذا كان فقر الدم وبيل (شديد) .
سأقوم بتقسيم آثار فقر الدم على الفئات العمرية المختلفة معتمداً طريقة وكالة الغوث الدولية, والتي هي محاكاة لتقسيمات منظمة الصحة العالمية, وستكون كالتالي:
1. الأطفال تحت عمر عام وما فوق
· تأخر التطور الحركي والتوازن
· تأخر التطور اللغوي, والتحصيل العلمي
· تأثيرات سلبية على النواحي النفسية والسلوكية( عدم التركيز, الإجهاد, الشعور بعدم الأمن, الخ...)
· قلة النشاط البدني
2. المراهقين"فترة البلوغ"
· نقص في التحصيل الإدراكي (معدل الذكاء منخفض IQ)
· نقص في التحصيل المدرسي, قلة الإنتاج والمجهود المبذول
· عند الفتيات قلة الحديد المخزون لفترات الحمل المتوقعة مستقبلاً
3. البالغين
· نقص المجهود البدني والمقدرة على الكسب
· نقص مقاومة التعب والإجهاد
4. الحوامل
· زيادة نسبة حدوث الأمراض, والوفيات
· زيادة نسبة حدوث أمراض الأجنة, ووفياتهم
· زيادة احتمال ولادة أجنة بمعدل أوزان منخفضة (مواليد تحت الوزن الطبيعي)
· زيادة حدوث ما يسمى ب" تأخر نمو الجنين داخل الرحم"
· زيادة نسبة وفيات الأجنة في الأسابيع الأخيرة للحمل, والأسابيع الأولى للولادة
· زيادة نسبة الأمراض المعدية لكل من الجنين وأمه
يتبع بإذن الله تعالى في لقاء آخر
دمتم بألف خير وعافية
ملاحظات هامة
· في إطار حديثنا عن فقر الدم بسبب نقص الحديد سنتعرض للعديد من المصطلحات الطبية الهامة, ورغبة مني لإضفاء الصبغة العلمية مصاحبة لعنصر التشويق سأقوم بشرح تلك المفاهيم حسب ظهورها تباعاً.
· من ضمن هذه المصطلحات التي ستظهر (الهيموجلوبين, الحديد كعنصر , حمض الفوليك, فيتامين ب12, فيريتين, وهيموسيديرين , ترانسفيرين, الخ.......)
· فقر الدم له تقسيمات وأنواع عديدة مثل فقر الدم بسبب نقص عنصر غذائي هام لعمل الهيموجلوبين كما هو الحال في فقر دم نقص الحديد, حمض الفوليك, فيتامين ب12, ومنها ما يعود لشكل الهيموجلوبين مثل الثلاسيميا أو فقر الدم المنجلي, ومنها ما هو بسبب تكسر كريات الدم الحمراء وهو عدة أنواع منها ما يعرف بفقر الدم الباقلاء أو الفول(G6PD), ومنها ما سببه خلل أو تثبيط في إنتاج الكريات الحمراء من النخاع العظمي, ومنها ما تسببه بعض العقارات ...........الخ. لذلك اقتضى التنبيه أن حديثنا سيتركز على نوع واحد فقط وسنقوم بالتعريج على بعض أنواع فقر الدم الأخرى إن أسعفنا الوقت والجهد, بالإضافة للإقبال من قبل القراّء بإذنه تعالى.
· فيما يخص الأسئلة التي تطرح خلال المداخلات, سأقوم بالإجابة عليها خلال شرحي للموضوع عند الوصول للنقطة المستفسر عنها لكي لا نهضم الموضوع حقه.
· بإذن الله تعالى سأحاول أن أطرح الموضوع بطريقة مسلّية , مع الأخذ بالاعتبار حدوث الفائدة للجميع بما فيهم الأطباء والممارسين للمهنة.
(2)
التشخيص
إنّ تشخيص فقر الدم الناتج عن نقص الحديد يعتمد بالأساس على قياس تركيز الهيموجلوبين , بالإضافة إلى بعض الاختبارات الأخرى مثل الفيرتين والترانسفيرين. ولاحقاً سأقوم بالحديث عن المقارنة بين النتائج لعمل التشخيص التفريقي بين بعض أنواع فقر الدم وعلى وجه الخصوص الثلاسيميا والمنجلية بالإضافة إلى أنيميا نقص فيتامين ب12
ولتوضيح ما يسمى بالخط الفاصل لتشخيص فقر الدم الناتج عن نقص الحديد سأقوم بعرض جدول بسيط نعتمد عليه بشكل مبدئي عند التشخيص الأولّي:
العمر والجنس
مستوى الهيموجلوبين أقل من
مستوى الهيموتكريت أقل من
(g/dL)
(%)
أطفال من 6شهور إلى 3سنوات
11
33
النساء الحوامل
11
33
النساء المرضعات
12
36
هناك عدة ملاحظات هنا:
الأولى: أن هذه الأرقام تعني وجود فقر دم وليس شرطاً أن يكون " نقص الحديد"
الثانية: أنّ مقدار الهيموتكريت يكون في الغالب أو الطبيعي 3 أضعاف مقدار الهيموجلوبين.
سأتوقف بإذن الله تعالى هنا على أن أتابع في المرة القادمة توضيح ما يعنيه كل من الهيموجلوبين والهيموتكريت , ولأواصل محددات التشخيص الأخرى.....
حتى ذلك الحين أترككم في رعاية الله
(3)
وعدتكم في اللقاء الثاني في خضم حديثنا عن فقر الدم بسبب نقص الحديد بأن أبدأ بشرح بعض المصطلحات والمحددات التي تظهر تباعاً, ولقد اتبعت هنا نفس الأسلوب الذي استخدمه دائماً في المحاضرات, والذي يجمع بين التعميم تارة والتخصيص تارة هادفاً للبعد عن الرتابة والملل من جهة , وإمعاناً في التشويق تارة أخرى, ولذا أرجوا الله تعالى أن أكون قد وفقت حتى الآن في ذلك!!
تحدثنا في المرة السابقة أننا نعتمد على كل من hemoglobin and hematocritهيموجلوبين وهيماتكريت لتحديد وجود فقر دم من عدمه, ولكي يتضح الأمر دعونا نتعرف على كلا المصطلحين عن قرب.
جميعنا يعلم أن الدم ذلك السائل الأحمر العجيب والذي يتدفق من القلب إلى جميع خلايا , أعضاء , وأجهزة الجسم المختلفة حاملاً معه الأوكسجين والغذاء من جهة, وأسلحة الحماية والوقاية بأشكالها المختلفة من جهة أخرى (ربما أتيحت لنا الفرصة للحديث عن الدم في موضوع مستقل).
والجميع يعلم أيضاً أن الدم يتكون من جزأين رئيسيين: الخلايا والماتركس أو"القالب, النسيج الغشائي".
أما الخلايا فهي الجزء الصلب من الدم وهي عبارة عن ثلاثة أنواع رئيسية: كرات الدم الحمراء, كرات الدم البيضاء, الصفائح الدموية وهذه الثلاثة تشكل ما نسبته45% من حجم الدم تقريباً. أما القالب أو النسيج الغشائي فهو البلازما وهو الجزء السائل من الدم ويشكل 55% من حجم الدم.
وبالعودة إلى الهيموجلوبين نجده قابعاً منتمياً لفريق كرات الدم الحمراء بل ويسمى "الخضاب" بمعنى الصبغة التي تصبغ هذه الكرات باللون الأحمر لماذا؟
لأنّ "الهيموجلوبين" يا سادة يا كرام هو بروتين صبغي يحتوي على أربع وحيدات من الحديد(Heme) المرتبط ببوليببتيد (Globin)مكسباً له لونه الأحمر من جهة ومكسباً له صفة العشق للأكسجين وكأنما هو مركبة يحمل عليها الضيف المدلل الأوكسجين ليزور خلايا الجسم فينعشها ويمدها بأهم مادة خام لصناعة الطاقة اللازمة لجميع عمليات البناء الحيوي المنفذّة في الجسم.
ماذا عن الهيماتكريت(Hematocrit) إذاً؟!
هو باختصار وببساطة نسبة اللزوجة في الدم أو بكلمة أخرى الحجم الذي تحتله كرات الدم الحمراء بالنسبة للدم ككل , وعادة يشكل عند الرجال ما نسبته 48% وعند النساء ما نسبته 38% أو أكثر بقليل ( النسب تختلف من مكان لمكان ومن بلد لبلد لأسباب كثيرة منها مثلاً لا حصراً المرتفعات وهكذا) ويطلق عليه أيضاً حجم الخلايا المكتظة أو المحشوة"Packed Cell Volume","PCV" , وبالتالي فبإمكانك أن تقول Hematocrit أو PCV.
وهنا نلحظ أنّ نقص أي من هذين المحددين سيعتبر مؤشراً على فقر الدم العام!!
(4)
التشخيص واستراتيجيات الوقاية
قلنا في المرة السابقة أننا اعتمدنا كل من الهيموجلوبين والهيماتكريت لإفادتنا بوجود فقر دم, والآن تأتي المرحلة التالية وهي درجة "شدة" هذا الفقر وهنا نقسم "الشدة" أيضاً بناءً على مستوى الهيموجلوبين في الدم إلى ثلاث درجات:
1. الخفيفة (Mild), وفيها يكون مستوى الهيموجلوبين بين (10.9-10.0 gm/dl).
2. المتوسطة (Moderate), وفيها يكون مستوى الهيموجلوبين بين (9.9-7.0 gm/dl).
3. الشديدة (severe), وفيها يكون مستوى الهيموجلوبين أقل من( 7.0 mg/ Dl).
" لا زلنا نتحدث عن فقر الدم , على الأرجح سيكون بسبب نقص الحديد, ولكن ليس أكيداً"
وبناءً عليه نبدأ بإستراتيجية الوقاية والعلاج, والتي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية WHO وستكون كالتالي:
1) الإمداد بالحديد
2) التغيير الغذائي والتنوع فيه للحصول على الحديد
3) دعم الغذاء الأساسي بإضافة الحديد إليه
4) تعزيز إجراءات الصحة العامة (حملات التوعية والإرشاد, التوجيه, الإعلام.........)
ويجب الأخذ بالاعتبار أن هذه الاستراتيجيات الأربعة هي مكملة لبعضها البعض , ولا يصلح تنفيذ أحدها بمعزل عن الآخر...
1. الإمداد بالحديد
1.1 الإمداد الوقائي
كما أسلفنا سابقاً أن أهم ثلاث فئات لنا في هذا الصدد هم الأطفال والنساء الحوامل, والمرضعات, ولأن السيدة الحامل تحمل مسؤوليتها وجنينها على حد سواء فلقد اعتمدت معظم الهيئات الصحية , ومنها وزارة الصحة ووكالة الغوث لدينا, اعتمد كلاهما سياسة إمداد الحوامل بالحديد كعنصر وقاية.
القاعدة العلمية تقول بأن احتياجات السيدة الحامل الفسيولوجية للحديد من الصعب إشباعها عن طريق التغذية اليومية فقط ولذا, فمن الواجب أن تزود الحامل بالحديد بشكل روتيني ضمن القاعدة التالية:
نبدأ تزويدها منذ أول زيارة تسجل فيها للحمل ونستمر إلى نهاية الشهر الثالث بعد الإنجاب (جرعات وقائية), وذلك لتعويض ما حصل عليه الجنين من الأم من جهة , وسد الاحتياط النافذ من جهة أخرى, وتكون الجرعة كالتالي: 60 مجم حديد+ 400 ميكروجرام حمض الفوليك, خلال المدة المحددة سابقاً.
2.1 علاج فقر الدم
بمجرد أن نعلم أن الهيموجلوبين يقع مستواه تحت 7 مجم, أو أن الهيماتكريت بلغت نسبته أقل من 20 %, فإن ناقوس الخطر يدق تلقائياً مؤذناً بالحاجة إلى الانتقال لمرحلة العلاج السريع...
ما ذكر سابقاً من مستويات الهيموجلوبين والهيماتكريت ينعكس سريرياً أو اكلينيكاً لنجد أن القلب لا يستطيع ضخ كمية الدم المناسب لأعضاء الجسد, مما يعجل بظهور ضيق النفس حتى في أوقات الراحة, مع تسارع في ضربات القلب. العلامات الأخرى من الممكن إيجادها عن طريق فحص "الشحوب" في مناطق مختلفة من الجسد وأهمها : الملتحمة السفلى للعين, مهاد ظفر الإصبع, وباطن كف اليد, هذه الطريقة تساعد في اكتشاف أكثر الحالات شدة, وليس جميعها , مما يجعلنا بحاجة دائما للاعتماد على التحاليل المخبرية بشكل أساسي.
مع أن فقر الدم يحدد بمستوي هيموجلوبين أقل من 11 إلاّ أن سياسة العلاج المعتمدة تحدد مؤشر بداية العلاج أن يكون الهيموجلوبين أقل من 10 , وذلك بغرض التعامل مع الحالات المتوسطة قبل أن تتفاقم لتصبح شديدة. ولذا فإن النساء والأطفال الذين يكون مستوى الهيموجلوبين لديهم أقل من 10 يجب ان يتناولوا الجرعات التالية:
· أطفال من سن 6شهور إلى 24 شهراً (25 مجم حديد يومياً) لمدة 3 شهور.
· النساء الحوامل (120مجم حديد+ 400-800 مكجم حمض الفوليك يومياً) لمدة 3 شهور.
ملاحظة هامة: بعد إتمام 3شهور علاج, يجب مواصلة إعطاء الحوامل الجرعة الوقائية سالفة الذكر.
3.1 متابعة مستوى الهيموجلوبين
· النساء الحوامل
تتم متابعتهم منذ اللحظة الأولى لتسجيل الحمل , وعند الأسبوع 24 من الحمل.
· السيدات المرضعات
لا يحتجن إلى متابعة بخصوص فقر الدم. فقط من لديها عوامل الخطر التالية:
فقر دم قبل الولادة
نزيف في خلال الحمل (قبل الولادة)
نزيف بعد الولادة
حمل متعدد( توائم)
هؤلاء السيدات بالإمكان تحويلهن لعمل فحص الهيموجلوبين.
· الأطفال
عند عمر 6 شهور يقيّم الطفل, ومن يوجد لديه عامل أو أكثر من عوامل الخطر التالية:
طفل خداج أو وزنه دون المعدل
يعاني من تأخر في النمو
لديه احتياجات خاصة مثل: عدوى مزمنة, التهابات, سوء تغذية, نزيف شديد جراء جرح أو إصابة عميقة, حادث أو خضع لجراحة.
هؤلاء بالإمكان متابعة الهيموجلوبين لديهم!!
لكن عندما يبلغ الطفل 12 شهر نقوم بعمل فحص هيموجلوبين روتيني له.
4.1 المتابعة
· نقوم بإعادة فحص مستوى الهيموجلوبين بعد شهر من العلاج. إذا كان مستواه تحسن, نقوم بالعمل على تحسين التغذية مع الاستمرار بإعطاء الحديد لشهرين آخرين, ثم نقوم بعدها بعمل تحليل مرة أخرى, ونعيد تقييم الحالة. بعد الانتهاء من العلاج نعيد الفحوصات بعد 6 شهور مرة أخرى!!
· إذا مر شهر من العلاج ولم يتحسن مستوى الهيموجلوبين (ليس هناك استجابة لعلاج الحديد) مع التأكيد على ضرورة التأكد من التزام المريض بالجرعة المعطاة له أثناء فترة العلاج واستعمالها بالشكل الصائب, ففي هذه الحالة يتعين علينا عمل فحوصات إضافية تتضمن CBC, MCV,MCH AND SICKLING TEST )).
وذلك لإجراء التشخيص التفريقي للتقصي عن أسباب أخرى لفقر الدم مثل ثلاسيميا وفقر الدم المنجلي, أو نقص كل من فيتامين ب12 أو حمض الفوليك!!
(5)
استراتيجيات الوقاية "تكملة"
2- التغيير الغذائي وتنويعه
2-1 مفاهيم عامة
على الرغم من كون التزويد بالحديد هو أسرع وأفضل تدخل, يبقى هناك حاجة ملّحة في الوقاية من فقر الدم وزيادة الهيموجلوبين. يعتمد استغلال الحديد المتواجد في الغذاء بشكل أساسي على "محفزات الامتصاص", و"مثبطات الامتصاص". ولذا فإنّ تعديل السلوكيات الغذائية له بالغ الأثر في تحسين نوعية الحديد المتناول غذائياً, حيث أنّه ليس كل الحديد المتناول هو حديد يحتاجه الجسم أو "حديد ذو مقدرة حيوية على أن يمتص" وهنا يأتي دور التنوع الغذائي ويعتمد في الأساس على أربعة محاور رئيسية:
1. الإكثار من تناول الغذاء الغني بالحديد وخاصة اللحوم, والمصادر الأخرى الغنية ب "الهييم" "الحديد الفعال".
2. التنويع في الوجبات المتناولة للتقليل من تناول "مثبطات امتصاص الحديد", وزيادة الأغذية المحتوية على فيتامين "ج" والذي يلعب دوراً هاماً في تسهيل امتصاص الحديد.
3. تجنب تناول الأطفال في عمر عام , والأطفال الصغار( عمر الرضاعة) "حليب البقر الطازج".
4. تحفيز عملية معالجة الأغذية التي تحتوي على "Phytate ".
2-2 محفزّات امتصاص الحديد
· اللحوم بمختلف أنواعها: الأحمر, الدواجن , الأسماك وطعام البحر.
· فيتامين "ج" Ascorbic Acid: والموجود بكثرة في عصير الفواكه (البرتقال والليمون), البطاطس, وبعض الخضروات مثل( الأوراق الخضراء, القرنبيط, الملفوف, السبانخ"ظهرت دراسة حديثة تتحدث عن آثار تثبطية للسبانخ وأن الحديد المحتوى فيه ليس هو ذلك الحديد الفعال , المطلوب لتخليق الهييم" الطماطم....) كثير من هذه الأطعمة يحتوي أيضاً على فيتامين "ا" والذي يعتقد أنه يلعب دوراً فعالاً وإيجابياً يخص الحديد" لكنه لا يزال قيد البحث العلمي".
2-3 مثبطات امتصاص الحديد
· Tannins وسبق أن تحدثت عنه في سياق ردي على الأخت حمساوية إماراتية , وهو يلعب دوراً هاماً في تثبيط امتصاص الحديد عن طريق الارتباط به مما يجعله غير قابل للامتصاص والاستغلال من قبل الجسم, ولعل أهم المشروبات التي تحتوي التانين كل من الشاي والقهوة, الكولا وبعض البهارات, وحتى بعض الخضروات......
· Phytates والمتواجدة بكثرة في نخالة الحبوب والتي تباع كوجبة فطور للأطفال وتجهز مع الحليب( Cereal Bran). القمح والشعير, والطحين ذو النخالة الكثيفة, البقوليات, البذور, واللوزيات.
· الكالسيوم, نعم الكالسيوم وهو موجود في الحليب ومشتقاته......
إن المقدرة على امتصاص الحديد واستغلاله النهائي يسمى " Bioavailability" ولعل هذا ما يميز الحديد الفعال عن غيره......
وهذه الفعالية تعتمد بالأساس على التوازن بين "المحفزّات " و " المثبطات" ووجودها في الأطعمة. وعلى سبيل المثال لو أخذ عصير البرتقال خلال ساعة قبل او ساعتين بعد الوجبة الغذائية فإنّ هذا يجعل تأثيره الإيجابي على الامتصاص أقل بكثير مما لو اخذ مباشرة مع الوجبة, هذا الشأن يخص المثبطات مثل "الشاي " سواء بسواء.
2-4 بعض الإرشادات لتغذية الأطفال:
· تشجيع الرضاعة الطبيعية "الحصرية" للأطفال لمدة 6شهور ( دون أي إضافات غذائية نهائياً خلال المرحلة بين4-6 شهور!!)
· إرشاد الأم لعدم إعطاء الخبز أو البسكويت غير المدعم بالحديد, وخاصة بين الوجبات غرض تهدئتهم.
· الأطفال أقل من عمر عام يجب ألا يتناولوا الشاي بأي حال من الأحوال, وإن كانت العائلة من محبي الشاي ولا مفر من إعطائه للطفل فيجب ان يكون خفيفاً جديد مع مراعاة إعطائه بعد الوجبات بساعتين.
· تشجيع الرضاعة الطبيعية لغاية سنتين, في حالة عدم إمكانية الرضاعة الطبيعية لأي سبب كان, فعلى الأم إعطاء الحليب المدعم بالحديد,وعدم استخدام حليب البقر والماعز الطازج) وذلك لاحتوائهما على كميات ضئيلة من الحديد, وذلك لغاية عمر 12شهراً على الأقل.
· تشجيع الأم لطهي خليط يحتوي على 100جم لحوم بالإضافة إلى خضروات الموسم, أو بطاطس مع رز أو القمح نيابة عن " Baby Cereals".
· قاعدة ذهبية: يعصر الطعام ويصفى للأطفال من أربع شهور لغاية ست شهور, يهرس من غاية ست شهور لثمانية, يسحق ويجرش من 9-11شهر , وأخيراً يعطى الأطفال طعام العائلة بداية من سن 12 شهراً..............
· بحلول الشهر السادس للطفل , يستحب إضافة وجبة واحدة يومياً من الطعام الغني بفيتامين "ج" مثل الفواكه والخضروات وعصائرهما, وذلك لتحفيز امتصاص الحديد مع الوجبات....
· على الأم أيضا أن تبدأ بإضافة اللحم المهروس بعد سلقه ابتداء من الشهر السادس من عمر الطفل....